وَهُوَ فِي الْخِصامِ غَيْرُ مُبِينٍ (١٨) وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ وَيُسْئَلُونَ (١٩) وَقالُوا لَوْ شاءَ الرَّحْمنُ ما عَبَدْناهُمْ ما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ (٢٠))
١٥ ـ (وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبادِهِ جُزْءاً) ... أي بقولهم مع اعترافهم بأنه خالق الأشياء كلّها : الملائكة بنات الله ، أو عيسى بن الله ، لأن الولد جزء من أبيه. قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : فاطمة بضعة منّي يؤذيني من يؤذيها ومن يؤذيني فقد آذى الله (إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ) أي جاحد لنعم الله مظهر لكفره بنسبة الولد إليه. قال ابن عباس : إن قريشا زعموا أن الملائكة بنات الله.
١٦ و ١٧ ـ (أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَناتٍ) ... أنكر سبحانه ذلك عليهم ، لأن الاستفهام للإنكار. فيكون بمعنى (بل) وترجمة الآية أنه قال تعالى على سبيل التوبيخ والتعجب : بل اتّخذ مما يخلق البنات اللواتي هنّ بزعمهم في غاية الدّناءة وهنّ أخسّ وأنقص الأولاد (وَأَصْفاكُمْ بِالْبَنِينَ) أي وآثر البنين لكم وهم أشرف الأولاد. فأيّ عاقل يقبل ويعتقد بأن يكون أولاد المخلوق أشرف من أولاد الخالق عزوجل لكنها أنقص وأخس بل كانت أبغض الأولاد بل أبغض الأشياء عندهم كما أخبر سبحانه وتعالى (وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِما ضَرَبَ لِلرَّحْمنِ مَثَلاً) كناية عن البنات ، يعني إذا بشّر بأنه وضع لك بنت (ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا) بما يلحقه من الهمّ والحزن ولما يعتريه من الكآبة (وَهُوَ كَظِيمٌ) أي مملوء من الغيظ والكرب. والمراد بقوله (بِما ضَرَبَ) أي بالجنس الذي جعله شبها لأن الولد من جنس الوالد وشبهه ومماثله.