قال : ومن خالقكم؟ قالوا فرعون هذا. قال ومن رازقكم الكافل لمعايشكم والدافع عنكم مكارهكم؟ قالوا فرعون هذا. قال حزقيل : أيّها الملك فأشهدك وكلّ من حضرك أن ربّهم هو ربّي ، وخالقهم هو خالقي ، ورازقهم هو رازقي ، ومصلح معايشهم هو مصلح معايشي ، لا ربّ لي ولا رازق سوى ربّهم وخالقهم ورازقهم. وأشهدك ومن حضرك أنّ كلّ ربّ ورازق وخالق سوى ربّهم وخالقهم ورازقهم فأنا بريء منه ومن ربوبيّته وكافر بإلهيّته. يقول حزقيل هذا وهو يعني أنّ ربّهم هو الله ربّي. ولم يقل إنّ الذي قالوا إنّه ربّهم هو ربّي. وخفي هذا المعنى على فرعون ومن حضره وتوهّم وتوهّموا أنّه يقول فرعون ربّي وخالقي ورازقي. فقال لهم فرعون يا رجال السّوء يا طلّاب الفساد في ملكي ، ومريدي الفتنة بيني وبين ابن عمّي وهو عضدي ، أنتم المستحقون لعذابي لإرادتكم فساد أمري وإهلاك ابن عمّي والفتّ في عضدي. ثم أمر بالأوتاد فجعل في ساق كلّ واحد منهم وتدا وفي صدره وتدا ، وأمر أصحاب أمشاط الحديد فشقّوا بها لحومهم من أبدانهم فذلك ما قال الله تعالى (فَوَقاهُ اللهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا) أي بالمؤمن لمّا وشوا به إلى فرعون ليهلكوه (وَحاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ) أي أحاط بقوم فرعون ومن معه عذاب السوء ، أي الغرق أو النار أو كلاهما في الدّنيا وفي الآخرة. والظاهر أنّ المراد بسوء العذاب هو النار بقرينة آية بعد هذه الآية ، والآيات يفسّر بعضها بعضا أو هم الذين وشوا بحزقيل إليه لمّا أوتد فيهم الأوتاد ومشط عن أبدانهم لحومها بالأمشاط وهذه الوقاية كانت بنتيجة قوله (وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللهِ).
٤٦ ـ (النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا ...) القمّي قال : عنى ذلك في الدّنيا قبل يوم القيامة ، وذلك لأنه في القيامة لا يكون غدوّ وعشيّ ، لأن الغداوة والعشيّة ، إنما يكون في الشمس والقمر وليس في جنان الخلد ونيرانها شمس ولا قمر. وعن الباقر عليهالسلام : إن لله تعالى نارا في المشرق