والحقائق ، وكانوا قد سمعوا منهم هذه المعاني ولذا اعتقدوا أن ما أخبر النبيّ به حقّ ثابت وهم لا يشكّون فيه. فهذا الاستدلال حسن والإشكال غير وارد. ولعلّه لهذا استدل الله به تعالى على لسان نبيّه صلىاللهعليهوآله لأنهم مستقرّ في أذهانهم وهم لا يناقشون فيه.
١٠ ـ (وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ مِنْ فَوْقِها ...) أي خلق في الأرض جبالا ثابتات راسخات ، من الرّسوّ وهو الرّسوخ. ومنه رسخ الوتد في الأرض والحبر في القرطاس. فالتّعبير عن الجبال بالرّواسي للتّنبيه على تلك النكتة الدّقيقة ، أي كما أن الأوتاد لها رسوخ وتمكّن في الأرض فكذلك الجبال لها عروق تحت الأرض وهي أصولها وفروعها فوق الأرض. ولذا يقال إن الجبال أوتاد الأرض خلقها الله عليها لسكونها ، ولو لا الجبال لما استقرّت الأرض ولما كان الناس مرتاحين فيها وعليها. وجعلها فوق الأرض لتكون بادية للناس ليعتبروا بها ويتوصّلوا إلى منافعها ولو لم تكن فوق الأرض أي ظاهرة فيها لما ترتّب عليها ما ذكر وغيره من المصالح والحكم المترتبة على الظهور و (بارَكَ فِيها) أي أكثر خيرها بالمياه والمعادن والزرع والضّرع (وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها) أي النّاشئة منها للناس والبهائم. هل الضّمير الذي في (بارَكَ فِيها) وفي (قَدَّرَ فِيها) وفي (أَقْواتَها) هذه الضّمائر الثلاثة راجعة إلى الرّواسي أو إلى الأرض؟ والظاهر هو الأخير ويحتمل التّبعيض بمناسبة كلّ واحد منهما ، وتقدير الأقوات هو إيجادها بإنزال المطر وإخراج الحبوب والثمار والخضار من الأرض ، أو تقسيمها وتعيينها بحسب البلاد أو الأنواع أو الأفراد ، فإن كل فرد إذا خلص قوته ورزقه المعيّن له يموت ، وكلّ من الأمور المذكورة يحتمل بطور مانعة الخلوّ (في أربعة أيّام) أي غير الأوّلين أو معهما ، ويظهر من بعض الرّوايات أن الأربعة غير الأوّلين. ونذكر الرواية تبّركا بها ونجعلك أيّها القارئ حاكما. قال القمّي : معنى يومين أي وقتين : ابتداء الخلق وانقضائه قال وبارك فيها وقدّر فيها أقواتها أي لا