قال العلاّمة المعتزلي : « فلمّا رأت البكرية ما صنعت الشيعه (١) ، وضعت لصاحبها أحاديث في مقابلة هذه الأحاديث ، نحو : ( لو كانت متّخذاً خليلاً ) فإنّهم وضعوه في مقابلة ( حديث الإخاء ). ونحو ( سدّ الأبواب ) فإنّه كان لعلي عليهالسلام ، فقلبته البكرية إلى أبي بكر. ونحو : ( إيتني بدواةٍ وبياض أكتب فيه لأبي بكر كتاباً لا يختلف عليه إثنان ) ثم قال : ( يأبي الله والمسلمون إلاّ أبابكر ) فإنّهم وضعوه في مقابلة الحديث المروي عنه في مرضه : ( إبتوني بدواةٍ وبياض أكتب لكم ما لا تضلّون بعده أبداً. فاختلفوا عنده وقال قوم منهم : لقد غلبه الوجع ، حسبنا كتاب الله ) ونحو حديث : ( أنا راضٍ عنك ، فهل أنت عنّي راض؟ ) ونحو ذلك » (٢).
وبعد ، فما مدلول هذا الحديث ونحن نتكلّم هنا عن هذه الجهة وبغضّ النظر عن السند؟
يقول المناوي : « أمره بمطاوعتهما يتضمّن الثناء عليهما ، ليكونا أهلاً لأن يطاعا فيما يأمران به وينهيان عنه ... ».
لكنّ أوّل شيء يعترض عليه به تخلّف أمير المؤمنين عليهالسلام ومن تبعه عن البيعة مع أمرهما به ، ولذا قال :
« فإن قلت : حيث أمر باتّباعهما فكيف تخلّف علي رضي الله عنه عن البيعة؟
قلت : كان لعذر ثم بايع ، وقد ثبت عنه الانقياد لأوامرهما ونواهيهما ... » (٣).
أقول : لقد وقع القوم ـ بعد إنكار النصّ وحصر دليل الخلافة في الإجماع ـ في مأزق كبير وإشكال شديد ، وذلك لأنّهم قرّروا في علم الاصول أنّه إذا خالف
__________________
(١) الذي صنعته الشيعة أنّها استدلّت بالأحاديث التي رواها أهل السنّة في فضل أمير المؤمنين عليهالسلام باعتبار أنّها نصوص جليّة أو خفيّة على امامته كما ذكر صاحب « شرح المواقف » وغيره.
(٢) شرح نهج البلاغة ١١/٤٩.
(٣) فيض القدير ٢/٥٦.