التي تترتب على خمر الدّنيا من الآثار التي ذكرناها آنفا (وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ) أي يسكرون ، من نزف إذا ذهب عقله ـ وقد أفرده بالذّكر مع أنّها داخل تحت الغول. بل قيل الغول : هو اغتيال العقل ، لأن فساد العقل أعظم المفاسد. فلذا اختصّ بالذكر من بينها ولما ذكر سبحانه مشروبهم بيّن منكوحهم فقال :
٤٨ ـ (وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ عِينٌ ...) الطّرف النظر ومعنى القصر هنا الحبس. أي تلك الزّوجات يحبسن نظرهنّ على أزواجهنّ ولا ينظرن إلى غيرهم. و (عِينٌ) جمع عيناء أي واسعات العيون لحسنها ، أو المراد هو الأعين التي بياضها شديد كسوادها.
٤٩ ـ (كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ ...) مكنون يعني مصون عن الغبار والكدورة وعن كلّ آفة. وتشبّه الجارية بالبيض : بياضا وملامسة وصفاء لون ، لأنّه أحسن الألوان للبدن. وقد جرت عادة العرب بتشبيه النّساء بالبيض بقولهم بيضات الخدود. والمراد من البيض على ما يقولون هو بيض النعام لأن بيضه أصفى البيض وأحسنه لونا لأنه مشوب بقليل من الصّفرة ، وهذا أحسن الألوان لأبدان النساء عند العرب.
* * *
(فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ (٥٠) قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كانَ لِي قَرِينٌ (٥١) يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ (٥٢) أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَدِينُونَ (٥٣) قالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ (٥٤) فَاطَّلَعَ فَرَآهُ