جاء : دعوت لفلان وإلى فلان أي استعمل اللّام بمعنى إلى ، فلذا قيل إنّ حرف الجرّ في قوله (فَلِذلِكَ فَادْعُ) بمعنى إلى ، ومعناه فإلى الدّين الذي شرعه الله تعالى ووصّى به أنبياءه فادع الخلق يا محمد. وقيل أن اللام للتعليل كما فسّرناه والإشارة إلى الشك الذي حصل لهم أي فلأجل الشك الذي هم عليه فادعهم إلى الحق حتى تزيل شكّهم. وعن الصّادق عليهالسلام : يعني إلى ولاية أمير المؤمنين عليهالسلام (وَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ) أي امض كما أمرت وصمّم على أمرك ولا تصغ إلى كلام أحد فيما أمرت به من دعوتك الناس إلى التوحيد وتبليغ الرّسالة والنبوّة ، ولا تخف من أحد فإن الله ناصرك ومعينك. والحاصل ان قوله تعالى فاستقم أي كن ثابت القدم في أمر مولاك. (وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ) أي لا توافقهم فيما يميلون إليه ولا تسر على أثرهم أبدا قال في التبيان : إن الوليد بن المغيرة قال لرسول الله صلىاللهعليهوآله : ارجع عن دينك ودعوتك حتى أهبك نصف مالي ، وكان مليّا. وقال شيبة بن عتبة : إن رجعت عن دعوتك أزوّجك ابنتي ، فنزلت الآية (وَقُلْ آمَنْتُ بِما أَنْزَلَ اللهُ مِنْ كِتابٍ) المراد لعلّه الجنس ، أي قل لهم : إني آمنت بجميع الكتب السماوية التي نزلت عليّ وعلى سائر الأنبياء الذين كانوا قبلي وصدّقتها وإنها حقة محقّة ، فكيف أتّبعكم فيما دعوتموني إليه من أديانكم الباطلة وأهوائكم السخيفة ، فدين الله أحقّ أن يتّبع (وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ) أي بأن أعدل بينكم بأن أدعوكم إلى التوحيد والوحدة وتقولوا جميعا لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، من الأشراف والوضعاء والأعالي والأداني ، فهذا أمر سويّ وطريق مستو بينكم في تبليغ الحكم. وقل للكفرة إنكم معترفون بأن (اللهُ رَبُّنا وَرَبُّكُمْ لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ) أي لكلّ عمل جزاؤه (لا حُجَّةَ) أي لا محاجّة ولا خصومة (بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ) لظهور الحقّ فلا وجه لها بعده (اللهُ يَجْمَعُ بَيْنَنا) وبينكم يوم فصل القضاء (وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ) أي المرجع.