نوعيّة إرشاده لأنّه جامع لجميع الحجج والبراهين الظاهرة لمن أراد أن يهتدي به ، فالتقصير من ناحية الناس لا من ساحة القرآن فإنه منزّه عن ذلك (وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى) أي لتعاميهم وعدم استفادتهم من القرآن فكأنّهم عمي لا يبصرون آياته ودلائله الواضحة المرشدة إلى طريق الحقّ والحقيقة (أُولئِكَ يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ) أي مثلهم مثل من كان في مسافة بعيدة بحيث كلّما يصاح به فلا يسمع النّداء ، وهؤلاء مع قربهم من النبيّ (ص) وقرآنه فإنهم لا ينتفعون بهما ولا يستفيدون منهما فكأنهم بعيدون عنهما بحيث لا يسمعون إذا قريء عليهم القرآن ، فإذا لا يهتدون. ثم إنه تعالى تسلية لنبيّه (ص) أخذ في بيان قضيّة موسى واختلاف قومه في كتابه فقال عزّ من قائل :
* * *
(وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (٤٥) مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها وَما رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ (٤٦) إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ وَما تَخْرُجُ مِنْ ثَمَراتٍ مِنْ أَكْمامِها وَما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثى وَلا تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكائِي قالُوا آذَنَّاكَ ما مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ (٤٧) وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَدْعُونَ مِنْ قَبْلُ وَظَنُّوا ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ (٤٨))