نستلّه منه ، ومعنى الاستلال هو انتزاع الشيء عن الشيء وإخراجه عنه برفق ، مستعار من سلخ الشاة ، وإنّما اختار سبحانه السلخ دون النزع والإزالة وما يفيد هذا المعنى لأنه تعالى جعل الليل بمنزلة الجسم لظلمته والنهار كالجلد العارض للأجسام. فالنهار كالكسوة العارضة ، والليل كالجسم الأصيل ، فإذا انتزع منه الضوء (فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ) أي أن الناس داخلون في ظلام الليل. ففي هذه الاستعارة رمزان وسرّان : الأوّل الإيذان إلى كون الأشياء في بدء الخلقة في الظلمة ، والضّياء حصل ووجد بعدها فهو متأخّر عنها في الوجود كما هو شأن كل عارض بالإضافة إلى معروضه. والثاني هو أنّ انتزاع نور النهار ليس آنيّا بل أمر تدريجيّ الحصول كما في انتزاع جلد الشاة وغيرها فلا يناسب المقام غير هذا التعبير. وفي الكافي عن الباقر عليهالسلام : يعني قبض محمد صلىاللهعليهوآله وظهرت الظّلمة فلم يبصروا فضل أهل بيتهعليهمالسلام.
٣٨ ـ (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها ...) أي آية أخرى لهم هي الشمس التي تجري لحدّ لها موقّت بقدر تنتهي إليه من فلكها آخر السنة. وشبّه بمستقرّ المسافر إذا قطع مسيره ، أو لمنتهى لها من المشارق والمغارب حتى تبلغ أقصاها في السنة فذلك مستقرّها لأنها لا تعدوه. وعدّت تلك المشارق والمغارب بثلاثمئة وستّين يوما وهي تطلع كلّ يوم من مشرق ، وتغرب في مغرب. وقيل مستقرها هو حين انقطاع الدّنيا. وفي المجمع عنهما عليهماالسلام : لا مستقرّ لها ب (لا) النافية ونصب الرّاء ، أي لا سكون لها فإنّها متحركة دائما إلى انقضاء الدنيا (ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) أي جري الشمس لمستقرّها مقرّر وثابت من عند الله الذي هو غالب بقدرته على كلّ شيء ، والمحيط بعلمه الكامل بجميع المقدورات والمعلومات.
٣٩ ـ (وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ ...) والقمر : قرئ بالرّفع عطفا على الشمس ، أي وآية لهم القمر. وقرئ بالنّصب بمقدّر يفسّره ما بعده وهو