(حَسَنَةٌ) فعلى الأول الحسنة أعمّ من حسنة الدنيا والآخرة. وعلى الثاني اختصاصها ظاهرا بالدنيويّة. والحسنة الدنيويّة كالصحة والعافية والذكر الجميل ، والأخرويّة كالخلود في الجنة والنعم التي لا زوال لها ولا نقصان. وتنكير الحسنة للتكبّر أو للتّعظيم (وَأَرْضُ اللهِ واسِعَةٌ) أي فمن تعسّر عليه العمل بوظائفه المقرّرة في دينه من تحصيل التقوى أو الإحسان الدنيويّ والأخرويّ وغيرهما من التكاليف فليهاجر من وطنه سواء كان مكة أو غيرها إلى البلاد التي يكون فيها سعة للعمل بالوظيفة والفرار ممّا لا يطاق من سنن الأنبياء (إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ) أي الذين يفارقون أوطانهم وأرحامهم وعشيرتهم وأصدقاءهم ويصبرون على مشاق الأمور التي يواجهونها في بلاد الغربة وكل ذلك للمحافظة على دينهم ، فإن الله تعالى يعطيهم أجرا كثيرا في الآخرة. لا يحصيه أحد ولا يعدّه العادّون ، أي أجرا لا يهتدي إليه حساب الحاسبين. وفي العيّاشي عن الصّادق عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إذا نشرت الدّواوين ونصبت الموازين لم ينصب لأهل البلاء ميزان ، ولم ينشر لهم ديوان ، ثم تلا هذه الآية. وفي الكافي عنه عليهالسلام : إذا كان يوم القيامة يقوم عنق من الناس فيأتون باب الجنّة فيضربونه ، فيقال لهم : من أنتم فيقولون نحن أهل الصّبر ، فيقال لهم على ما صبرتم؟ فيقولون كنّا نصبر على طاعة الله ، ونصبر عن معاصي الله فيقول الله عزوجل : صدقوا أدخلوهم الجنّة ، وهو قول الله عزوجل : (إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ) ، الآية وفي الأثر : إنه يوم القيامة يؤمر الغزاة بدخول الجنّة ، فإذا وصلوا إلى باب الجنّة يرون جماعة جالسين في أعلى غرف الجنّة فينادون : ربّنا نحن أيتمنا أولادنا ، وأرملنا نساءنا ؛ وفدينا أنفسنا في سبيل دينك وطاعة نبيّك وأوصيائه عليهمالسلام ، لم أدخلت هؤلاء قبلنا جنّتك وأعطيتهم أعلى درجاتها. فيجيبهم بأن هؤلاء قراء أمّة محمد صلىاللهعليهوآله ومبتلوها الذين صبروا في البأساء والضّراء والبلايا والحوادث التي توجّهت إليهم في