الذي يقوله محمد من أمر الله وتوحيده شيء يريده ولا يمكن أن يصرفه عمّا أراده صارف ، ولا يستنزله عن عزمه مستنزل ، فاقطعوا أطماعكم عن استنزاله وصرف نظيره عنه ، وما نزل علينا من نوائب الدّهر على يده فلا خلاص لنا منه ولا انفكاك ولا مردّ له.
٧ ـ (ما سَمِعْنا بِهذا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ ...) أي ملة عيسى وأتباعه من النصارى. أي هذا التوحيد الذي أتى به محمد ما سمعناه في دين النّصارى وهو آخر الملل. قال ابن عباس : إن النصارى لا يوحّدون الله ، وإنهم يقولون : ثالث ثلاثة (إِنْ هذا إِلَّا اخْتِلاقٌ) أي كذب اختلقه واخترعه من عند نفسه ولا برهان له على دعواه. وقد قال القمّي : نزلت بمكة لما أظهر رسول الله صلىاللهعليهوآله الدعوة بمكة اجتمعت قريش على أبي طالب عليهالسلام وقالوا يا أبا طالب إن ابن أخيك قد سفّه أحلامنا وسبّ آلهتنا وأفسد شبّاننا وفرّق جماعتنا ، فإن كان الذي يحمله على ذلك العدم جمعنا له مالا حتى يكون أغنى رجل في قريش ، ونملّكه علينا. فأخبر أبو طالب رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فقال : والله يا عمّ لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته أو أموت دونه. ولكن يعطوني كلمة يملكون بها العرب ويدين لهم بها العجم ويكونون ملوكا في الجنّة فقال لهم أبو طالب ذلك ، فقالوا : نعم وعشر كلمات. فقال لهم رسول الله صلىاللهعليهوآله : تشهدون أن لا إله إلّا الله وأني رسول الله. فقالوا : ندع ثلاثمئة وستين إلها ونعبد إلها واحدا؟ فأنزل الله تعالى (بَلْ عَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ) إلى قوله (إِلَّا اخْتِلاقٌ).
٨ ـ (أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنا ...) إنكار لاختصاصه بالوحي وهو منهم أو أدنى منهم في الرئاسة وكثرة الثروة بحسب عقيدتهم الفاسدة. فمبدأ تكذيبهم ليس إلّا الحسد وقصر النظر والتهالك على حطام الدّنيا ،!