في الحياة الدنيا ، لا أن يحيا حياة طيبة دائمة في الآخرة؟
الجواب : المراد بالعبادة هنا كل عمل يرضي الله تعالى ، ويتقرب به اليه ، وليس من شك ان مرضاة الله هي السبيل الوحيد للحياة الطيبة الدائمة ، وعليه يكون المعنى ما خلقت الجن والانس إلا ليعملوا عملا صالحا يحيون بسببه حياة طيبة دائمة في الآخرة ، وبكلام آخر ان قوله تعالى : (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) يرادف قوله : (وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) ـ ٢٣ الإسراء وقوله : (وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) ـ ٥ البينة. ونتيجة الإخلاص في الدين حياة دائمة ، وجنة قائمة.
أما الآيات التي أناطت نعيم الآخرة بعمل الخير والصلاح في الحياة الدنيا ، وأناطت عذاب الآخرة بعمل الشر والفساد في الأرض فهي تعد بالعشرات ، منها الآية ٧٢ من سورة الإسراء : (وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلاً) ومنها الآية ١٤٢ من سورة آل عمران : (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ). والمراد بالجهاد هنا الجهاد لحماية الحق وأهله ، والاستشهاد في سبيل الله ، والمراد بالصبر الثبات ضد المبطلين والمعتدين .. لا صبر الذين يستسلمون لقوى الشر والبغي ، وعلى الذل والفقر.
ومتى تبين معنا ان الغاية من خلق الإنسان هي الحياة الباقية ، وان نعيمها منوط بعمل الخير والصلاح في الحياة الدنيا ، وجحيمها منوط بعمل الشر والفساد في الأرض ، إذا تبين معنا هذا أدركنا ان أي تفسير للغاية من خلق الإنسان لا يعكس هذه الحقيقة فهو بعيد عن الصواب والواقع ، وكفى دليلا على ذلك قوله تعالى : (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ) ـ ١١٥ المؤمنون أي لو لم يخلق الله الإنسان للآخرة لكان الله عابثا جلت حكمته.
(إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ وَما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ). وتسأل : ان معلومات الله سبحانه لا يبلغها الإحصاء ، كما قال في الآية ٣ من سورة سبأ :