من أطاع بالجنة ، ومن عصى بعذاب الحريق ، وليس من شك ان العاقل يرحم نفسه ويختار لها الأصلح ، وفي نهج البلاغة : ليس لأنفسكم ثمن إلا الجنة ، فلا تبيعوها إلا بها.
(أَذلِكَ خَيْرٌ نُزُلاً أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ إِنَّا جَعَلْناها فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ). ذلك إشارة إلى النعيم ، وهو أجر من أصلح وأحسن عملا. ونزلا ما يعد للنازل. والفتنة هنا معناها العذاب كما هي في الآية ١٣ من سورة الذاريات : (يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ) أي يعذبون ، أما شجرة الزقوم فقد بينها سبحانه بقوله : (إِنَّها شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْها فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ). الزقوم من قول العرب : تزقم الطعام إذا تناوله على كره. وفي تفسير الطبري : ان أبا جهل لما نزلت هذه الآية قال ساخرا : انا آتيكم بالزقوم ، ثم أتى بزبد وتمر ، وقال : دونكم تزقموا ، هذا هو الزقوم الذي يخوفكم به محمد. ورؤوس الشياطين كناية عن قبح الشجرة ومنظرها المخيف .. ومن قال : ان شجرة الزقوم ترمز الى سوء العذاب فلا اعتراض لنا عليه.
(ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْها لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ). الشوب الخلط ، والحميم الحار ، والمعنى انهم يأكلون الزقوم ، ويشربون من ماء الصديد ، وهو القيح المخلوط بالدم : (مِنْ وَرائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقى مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ) ـ ١٦ ابراهيم ج ٤ ص ٤٣٣ (ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ). والمراد بمرجعهم سكنهم الأخير ومقرهم الدائم ، والمعنى طعامهم الزقوم ، وشرابهم الحميم ، وسكنهم الجحيم ، أما لباسهم فقد أشارت اليه الآية ٥٠ من سورة ابراهيم : (سَرابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرانٍ).
(إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آباءَهُمْ ضالِّينَ (٦٩) فَهُمْ عَلى آثارِهِمْ يُهْرَعُونَ (٧٠) وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الْأَوَّلِينَ (٧١) وَلَقَدْ أَرْسَلْنا فِيهِمْ مُنْذِرِينَ (٧٢) فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ (٧٣) إِلاَّ عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ (٧٤) وَلَقَدْ نادانا نُوحٌ