(وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً وَإِنْ جاهَداكَ لِتُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ). أمر سبحانه بالإحسان إلى الوالدين وإطاعتهما في كل شيء إلا فيما لا يرضيه تعالى ، حيث لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. وتكلمنا عن ذلك مفصلا عند تفسير الآية ٢٣ من سورة الإسراء ، فقرة «البر بالوالدين» ج ٥ ص ٣٥. وفي كتب الحديث قصة تدل على ان البر بالوالدين ينفع عند الشدائد ، وأيضا تدل على أن أفضل دعاء يتجه به الإنسان الى الله عند المحنة هو العمل الصالح.
روي عن النبي (ص) ان ثلاثة رجال لجأوا الى غار في الطريق يبيتون فيه ليلتهم ، فسقطت صخرة ضخمة من الجبل وسدت عليهم باب الغار ، وبعد التفكير طويلا لم يجدوا إلا التوجه بالدعاء إلى الله وحده أن ينجيهم من هذا الهلاك ، ثم ذكر كل واحد منهم عملا صالحا كان قد صنعه .. فذكر الأول بره بوالديه وتوفير الراحة لهما ، فانفرجت الصخرة قليلا. وذكر الثاني انه صرف نفسه عن عمل فاحش مع امرأة كانت في حاجة تضطرها الى ذلك ، فكفاها هذه الحاجة ووفرها لها ، فانفرجت الصخرة قليلا أيضا. وقال الثالث : ان أجيرا كان يعمل عنده ، فترك أجره ورحل عنه ، فاحتفظ له بأجره ونمّاه له ، فلما عاد اليه ، وقد كثر الأجر وأصبح قطيعا كبيرا من الأنعام ، أعطاه إياه ، فانفرجت الصخرة تماما ، وخرجوا من الغار.
وسواء أصحت هذه الرواية ، أم لم تصح فان القصة تعبّر عن الإسلام في حقيقته وجوهره لأنه يحصر طريق النجاح في الدنيا والآخرة بالأعمال الصالحة ، لا بالأقوال والمظاهر.
(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ). وتسأل : ما الفرق بين قوله تعالى هنا : لندخلنهم في الصالحين وقوله في الآية السابقة : (لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ)؟
الجواب : ان الإدخال في زمرة الصالحين كالشهداء والأولياء أرفع بكثير من