عبر عنه ، جلت عظمته ، بالكتاب المنير. وتقدمت هذه الآية بنصها الحرفي في سورة الحج الآية ٣ و ٨ (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَوَلَوْ كانَ الشَّيْطانُ يَدْعُوهُمْ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ). تقدم في الآية ١٧٠ من سورة البقرة ج ١ ص ٢٥٩.
(وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى وَإِلَى اللهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ). العروة الوثقى الطرف القوي الذي لا ينقطع ، وهو كناية عن القرآن وعن حبل الله ومرضاته ، وما إلى ذلك مما يكون معه الإنسان آمنا من عذاب الله وغضبه .. وكل من اجتمع له وصفان فقد أخذ بهذا الطرف القوي الأمين : الأول أن يؤمن بالله ، ويفعل ما أمره به من العبادة كالصوم والصلاة ، ويترك ما نهاه عنه كالزنا والكذب والخمر. الثاني : أن يكون محسنا ، والمحسن هو الذي يتعدى إحسانه إلى الآخرين ، ولا يقف عند الإحسان لنفسه وذويه ، فيشارك الناس في آلامهم ، ويعمل لخلاص المظلومين والمحرومين ، ومن أجل الحق والعدل أينما كان ويكون ، وبالايجاز ان المحسن تماما كالماء الطهور طاهر بنفسه ، مطهر لغيره.
وبهذا يتبين معنا ان الآمنين من غضب الله وعذابه هم المؤمنون المحسنون ، أما من آمن بالله وتعبد له ولم يحسن الى الآخرين بالتعاون معهم على ما فيه خير الجميع ، أو أحسن ولم يؤمن بالله ، أما هذا وذاك فلا أمان لهما من عذاب الله وغضبه لأنهما لم يستمسكا بالعروة الوثقى .. وفي ذلك كثير من الأحاديث منها : «من لا يهتم بأمور المسلمين فليس منهم .. لا يصدق ايمان العبد حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه .. أحب الناس الى الله أنفعهم للناس». وكفى بقول الرسول الأعظم (ص) : «اني بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» وقوله: «أنا رحمة مهداة» كفى بهذا شاهدا على ان رسالة الإسلام هي رسالة الانسانية .. ومن خلالها حدد بعض العارفين المسلم بأنه «انسان ممتد بمنافعه في معناه الاجتماعي حول أمته كلها لا انسان ضيق حول نفسه بهذه المنافع».