المترفين ، والمراد بالرجال هنا الضعفاء .. كان الأقوياء في الحياة الدنيا يسلبون أقوات المستضعفين في الأرض ، ثم يتيهون بها عليهم ، لأنهم من وجهة نظرهم مجرد حيوانات وأداة لما يبتغون ويشتهون.
الكادحون حيوانات وأشرار .. ولما ذا؟ لأنهم يأكلون من عرق الجبين ، ولا يقضون الليالي الحمراء في الكازينوهات ومواخير الدعارة .. أما الطغاة المترفون فنبلاء وأخيار لأنهم يفسدون ويتنعمون على حساب البؤساء والمناضلين .. الفقراء أنذال لأنهم لا يمشون في الخفاء .. أما المترفون فسادة أشراف لأنهم يتلونون بكل لون ، ويسلكون كل سبيل تدر عليهم الأرباح والمكاسب .. وفي يوم الفصل تزول الأقنعة ، ويرى الخائنون مكانهم في نار جهنم ، ولا يرون فيها أحدا ممن أسموهم بالأشرار ، فيعجبون ويتساءلون عنهم ، وعن مقرهم؟ وسرعان ما يعلمون انهم في مقعد صدق عند مليك مقتدر ، فتذهب أنفسهم حسرات ويزدادون ألما على ألم.
(أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ)؟ هذا من كلام الطغاة يسخرون به يوم القيامة من أنفسهم لأنهم كانوا من الذين آمنوا يسخرون (إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ). ذلك إشارة الى تلاعن أهل النار ، وقول بعضهم لبعض (لا مَرْحَباً بِكُمْ) وهو كائن لا محالة.
(قُلْ إِنَّما أَنَا مُنْذِرٌ وَما مِنْ إِلهٍ إِلاَّ اللهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ (٦٥) رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ (٦٦) قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ (٦٧) أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ (٦٨) ما كانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلى إِذْ يَخْتَصِمُونَ (٦٩) إِنْ يُوحى إِلَيَّ إِلاَّ أَنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (٧٠) إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ (٧١) فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ (٧٢)