وتسأل : لما ذا أقسم الله بالملائكة؟
وأجاب المفسرون بأن الله أقسم بالملائكة للتنبيه الى عظيم منزلتهم وعلو شأنهم .. وهذا هو جوابهم ـ كمبدأ ـ عن كل ما أقسم به سبحانه : سواء أكان زمانا أم مكانا أم أي كائن من الكائنات العلوية والسفلية. أما صاحب الظلال فقد ربط بين هذا القسم وبين قول أهل الجاهلية ، ان الملائكة بنات الله كما جاء في الآية ٤٠ من سورة الإسراء : (أفَأَصْفاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلائِكَةِ إِناثاً إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً عَظِيماً) قال صاحب الظلال : ان الغرض من القسم بالملائكة هو الرد على من آمن بهذه الخرافة ، ونطق بهذا القول العظيم.
والذي نراه ان الله يقسم بالأشياء مهما كانت لغرض واحد ، وهو ان كل شيء في الوجود يدل بطبعه على ان الله واحد لا شريك له .. وليس من شك ان الملائكة الصافات منهم وغير الصافات قد عبدوا الله وأطاعوه عن علم ويقين به وبوحدانيته ، وعليه يكون علمهم هذا دليلا قاطعا على انه تعالى واحد لا شريك له في الخلق والملك والتدبير ، تماما كعلم العلماء بحقيقة موضوعية اكتشفوها ولمسوها في مختبراتهم ومعاملهم.
(إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ). المراد بالسماء العلو والفضاء ، وبالدنيا دنيانا نحن بني آدم ، وليس الكون بأسره ، والمراد بالكواكب ما كان منها في أقرب سماء إلينا ، والمعنى ان الله سبحانه جعل الكواكب في سمائنا زينة وجمالا بأشكالها وأنوارها ، بالاضافة الى منافعها وفوائدها : (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِها فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) ـ ٩٧ الأنعام : (هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ) ـ ٥ يونس.
(وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جانِبٍ دُحُوراً وَلَهُمْ عَذابٌ واصِبٌ إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ). مفردات هذه الآيات واضحة ، وقد بيّنا البعض منها في فقرة «اللغة» ما عدا حقيقة الشيطان المارد ، وحقيقة الملأ الأعلى ، والله ورسوله قد سكتا ولم يبينا لنا