(الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ). لكل امرئ عاقبة حلوة أو مرّة ، فعاقبة من كفر وأفسد جهنم وساءت مصيرا ، وعاقبة من آمن وأصلح جنة قائمة ، وراحة دائمة.
(أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً). لا أحد من الناس يعيش بلا فلسفة ومثل أعلى له ، حتى الذين يرفضون الفلسفات والمثل العليا فقد جعلوا هذا الرفض فلسفة لهم ومثلا أعلى .. ومن هنا قيل : من نفى الفلسفة فقد تفلسف .. أجل ، لكل انسان فلسفة ، والفرق ان بعض الناس يبني فلسفته وأحكامه على التجربة والتحليل ، ومنهم من يبنيها على العقل أو على الدين ، ومنهم من يحكم على الأشياء من خلال ذاته وميوله الخاصة معرضا عن كل ما عداها لا يبحث ولا يفكر ولا يحلل ، لأنه لا يؤمن بعلم ولا عقل ولا دين ، لا بشيء إلا بما يراه ويهواه .. انه ينظر الى نفسه على انها المقياس الوحيد للحق والخير والصواب ، وانها في عصمة من النقص والخطأ .. والكلام عن هذا لا يدخل في أي بحث من البحوث إلا كشاهد على السفاهة والغرور القاتل ، وقد أشار سبحانه إليه في العديد من الآيات منها هذه الآية ، ومنها : (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً) ـ ١٠٣ الكهف ج ٥ ص ١٦٣ ومنها : (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلكِنْ لا يَشْعُرُونَ) ـ ١٢ البقرة.
(فَإِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ). هذا تعليل لقوله تعالى : (أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً) أي ان الله قد كتب عليه الضلال وسوء المصير لأنه سلك الطريق المؤدية الى ذلك تماما كما كتب الموت على من شرب السم ، والغرق على من رمى نفسه في البحر ، وهو جاهل بفن السباحة. وتقدم مثله في الآية ٢٧ من سورة الرعد والآية ٤ من سورة ابراهيم والآية ٩٣ من سورة النحل.
(فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِما يَصْنَعُونَ). لا تأسف ولا تحزن يا محمد على الذين لم يستجيبوا لدعوتك ما داموا قد سلكوا طريق الضلال