في العام الماضي ١٣٨٩ ه صمت رمضان المبارك في (دبيّ) بدعوة من أهلها ، وقد وجه إليّ الشباب العديد من الأسئلة منها هذا السؤال : لما ذا يقول السنة عند ذكر بعض الصحابة : رضي الله عنه ، ويقول الشيعة عند ذكر أحد الأئمة : عليه السلام؟
فأجبت بأن كلا من السنة والشيعة يستقون من القرآن الكريم ، وقد جاء فيه : (رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) ـ ١١٩ المائدة وأيضا جاء فيه : (وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى) ـ ٥٩ النمل فأخذ الشيعة بهذه الآية ، وأخذ السنة بتلك .. وحين بلغت بالتفسير الى قوله تعالى : (لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) قرأت في تفسير روح البيان للشيخ إسماعيل حقي من علماء السنة ـ ما نصه بالحرف : «قال بعضهم في سبب تكريم وجه علي بن أبي طالب بأن يقال : كرّم الله وجهه : انه نقل عن والدته فاطمة بنت أسد أنها كانت إذا أرادت أن تسجد للصنم ، وعلي في بطنها يمنعها من ذلك».
(بَلْ مَتَّعْتُ هؤُلاءِ وَآباءَهُمْ حَتَّى جاءَهُمُ الْحَقُّ وَرَسُولٌ مُبِينٌ). هؤلاء اشارة الى مشركي قريش ، وهم من ذرية ابراهيم (ع) ، والمراد بالحق هنا القرآن ، وبالرسول محمد (ص) وقد وصفه سبحانه بالمبين لأن رسالته ظاهرة الدلائل ، ومعجزته أفحمت كل منكر ، والمعنى ان عتاة قريش أشركوا بالله ، وأعرضوا عن وصية أبيهم ابراهيم (ع) بالتوحيد ، فأمهلهم سبحانه وأنعم عليهم من فضله ، ولكن تملّكهم الغرور ، وطغوا وبغوا الى ان جاءهم رسول من أنفسهم بكتاب الله يدعوهم الى التوحيد ملة أبيهم ابراهم.
(وَلَمَّا جاءَهُمُ الْحَقُّ قالُوا هذا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كافِرُونَ). كفروا بالقرآن وقالوا : سحر مفترى ، وكفروا بالرسول وقالوا : (يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ لَوْ ما تَأْتِينا بِالْمَلائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) ـ ٧ الحجر. (وقالوا ـ أيضا ـ لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم). محمد فقير .. ومع هذا يقول : ان الله نزّل عليّ قرآنا .. وهذا أعجب العجب! لأن الله لا يختار لرسالته إلا العظيم الكبير ، وهو في مفهومهم من ملك الجاه والمال مثل