وفي بعض التفاسير ان النفخات في الصور ثلاث : نفخة الفزع ، ونفخة موت الجميع ، ونفخة البعث ، ويدل على النفخة الأولى الآية التي نفسرها ، أما الثانية والثالثة فيدل عليهما قوله تعالى : (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ) ـ ٦٨ الزمر. (وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ) أي ان الخائفين يحشرون الى ربهم صاغرين.
(وَتَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ). موضوع هذه الآية والتي قبلها واحد ، وهو الحديث عن يوم القيامة وأهواله ، وعليه يكون المعنى ان الله سبحانه يقتلع الجبال من أماكنها ويسيّرها في الفضاء تماما كما تسير السحاب ، ولكن يخيل للرائي انها ثابتة ، ذلك ان الجرم الكبير إذا سار في سمت واحد وخط مستقيم فلا تدرك الأبصار حركاته لضخامته وبعد أطرافه ، وبالخصوص إذا كان الرائي بعيدا عنه.
وبهذا يتبين معنا خطأ من استدل بهذه الآية على ان القرآن قد أشار إلى حركة الأرض ، وهناك آيات كثيرة تؤكد ان المراد بمرور الجبال في هذه الآية هو تسييرها في الفضاء يوم القيامة ، من تلك الآيات قوله تعالى : (وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بارِزَةً وَحَشَرْناهُمْ) ـ ٤٧ الكهف. وقوله : (وَسُيِّرَتِ الْجِبالُ فَكانَتْ سَراباً) ـ ٢٠ النبأ. وقوله : (يَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ ـ أي تضطرب ـ مَوْراً وَتَسِيرُ الْجِبالُ سَيْراً) ـ ٩ الطور. وكلام القرآن واحد يشهد بعضه على بعض ، وينطق بعضه ببعض.
أجل ، ان أهل بيت النبي (ص) الذين عندهم علم الكتاب والسنة قد صرحوا بحركة الأرض قبل «كوبرنيكوس» بحوالى الف عام ، قال الإمام علي (ع) في نهج البلاغة : وبسط الأرض على الهواء ... وأرساها على قرار ... ورفعها بغير دعائم ... وعدّل حركتها بالراسيات. وقال حفيده الإمام جعفر الصادق (ع) : «ان تدل الأشياء على حدوثها من دوران الفلك بما فيه هي سبعة أفلاك : تحرك الأرض الخ».