(عالِمِ الْغَيْبِ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ) والآية : (وَيَعْلَمُ ما فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) ـ ٥٩ الانعام وقال الإمام علي (ع) : ان الله يعلم مسقط القطرة ومقرها ومسحب الذرة ومجرّها ، وما يكفي البعوضة من قوتها. فلما ذا خص سبحانه هذه الأشياء بالذكر؟
وقيل في الجواب : ان سائلا سأل النبي (ص) عن هذه الأشياء فنزلت الآية. وقال الرازي : لما ذكر سبحانه يوم القيامة ناسب أن يذكر هذه الأشياء. وقلنا نحن أكثر من مرة : ان القرآن كتاب دين وهداية ينتقل بالإنسان من شأن إلى شأن. قال الإمام جعفر الصادق (ع) : ان الآية يكون أولها في شيء وآخرها في شيء آخر ، وهو كلام متصل ينصرف بعضه إلى وجوه .. ومهما يكن فقد تضمنت الآية خمسة أشياء ، وهي :
١ ـ (إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ) (لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ) ـ ١٨٦ الأعراف ، والحكمة في ذلك أن يكون الناس على حذر وتوقع دائم فيحتاطوا لمواجهة الاحتمالات.
٢ ـ (وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ) قال كثير من المفسرين : ان المراد ب «ينزل الغيث» ان العلم بنزوله مختص بالله وحده .. والصواب ان تؤخذ كلمة «ينزل» على ظاهرها أي ان القدرة على انزال الغيث تختص بالله لأن أسبابه الكونية تنتهي اليه تعالى .. وهذا لا يمنع أبدا ان يعلم الإنسان وقت نزول المطر عند ظهور دلائله .. ولو سلمنا ـ جدلا ـ بأن المراد من «ينزل» العلم فنقول : ان الإنسان يعلم وقت نزول المطر حين تظهر دلائله وعلاماته ، ولكن لا يعلم متى تظهر هذه الدلائل والعلامات إلا الله وحده.
وتسأل : ان العلماء ينزلون المطر الصناعي ، وعليه فلا يختص إنزاله بالله وحده؟ الجواب : ان العلماء يحولون السحاب الموجود إلى مطر ، والله يكوّن السحاب ويوجده ، ثم يسوقه من بلد الى البلد الذي يشاء ، والفرق بعيد بين إيجاد الشيء وبين تحويل الشيء الموجود الى شيء آخر.
٣ ـ (وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ). وتسأل : ان العلم الحديث يعلم أيضا بواسطة الأشعة ما في الأرحام من ذكر أو أنثى؟
الجواب : ان الأشعة تعكس المادة الموجودة بالفعل ، أما غيرها من الصفات