أي أنت سيدنا وهم أعداء لنا ، ونحن نبرأ منهم اليك (بَلْ كانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ). قال جماعة من المفسرين : المراد بالجن هنا الشياطين ، وانهم زينوا للمشركين عبادة الملائكة وغيرهم من دون الله. وقال آخرون : ان عبادة الجن كانت معروفة عند العرب ، وعليه تكون الآية على ظاهرها ، ولا داعي للتأويل .. وسواء أكان الجن هم المعبودين عند العرب ، أم كان المعبود غيرهم بتزيين الشياطين فإن القصد الأول من الآية نفي الشريك لله ، والشفيع لديه إلا بإذنه ، وانه لا ملجأ منه إلا اليه.
ومن أجل هذا عقب سبحانه بقوله : (فَالْيَوْمَ لا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعاً وَلا ضَرًّا). فلا الملائكة ولا الانس والجن يملكون لأنفسهم شيئا عند نقاش الحساب فكيف يملكونه لغيرهم؟ له وحده الملك والحمد ، وهو على كل شيء قدير (وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ). قالوا : لا جنة ولا نار ، ولا نؤمن حتى نراهما جهرة ، فأحرقهم الله بعذابها استجابة لطلبهم .. وذكرتني هذه الآية بمن يقول : لا علم ولا معرفة إلا عن طريق المشاهدة والتجربة حتى في غير المنظور والمحسوس.
(وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالُوا ما هذا إِلاَّ رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُكُمْ وَقالُوا ما هذا إِلاَّ إِفْكٌ مُفْتَرىً وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ (٤٣) وَما آتَيْناهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَها وَما أَرْسَلْنا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ (٤٤) وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَما بَلَغُوا مِعْشارَ ما آتَيْناهُمْ فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ (٤٥) قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنى