(أشحة على الخير). المراد بالخير هنا الغنيمة أي انهم عند البأس جبناء ، أما عند توزيع الغنيمة فتعلو أصواتهم بالاحتجاج ، وانهم أحق بها من الجميع (أُولئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا) بل أظهروا الايمان ، وأضمروا الكفر ، وقاتلوا معكم نفاقا ورياء (فَأَحْبَطَ اللهُ أَعْمالَهُمْ) أي أبطل قتالهم معكم لأنه لغير وجه الله ، وفي الحديث : من كانت هجرته إلى الله ورسوله ، فهجرته الى الله ورسوله ومن كانت هجرته الى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر اليه (وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً). ذلك إشارة الى إحباط قتالهم ، وهو يسير على الله تعالى لأنه لا جور فيه ولا ظلم ما داموا منافقين مرائين.
(يَحْسَبُونَ الْأَحْزابَ لَمْ يَذْهَبُوا) .. ذهبت الأحزاب إلى غير رجعة ، ومع هذا يأبى المنافقون أن يصدقوا ، لا لشيء إلا لأنهم يتمنون أن تقضي الأحزاب على النبي والصحابة ، وقد صوّرت لهم أمنيتهم هذه ان الأحزاب ما زالت تحاصر المدينة ، وانها ستقضي على المسلمين غدا أو بعد غد (وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بادُونَ فِي الْأَعْرابِ يَسْئَلُونَ عَنْ أَنْبائِكُمْ). وإذا تأكد المنافقون من هزيمة الأحزاب ، ثم عادت إلى المدينة كرة ثانية تمنى المنافقون لو كانوا بعيدين عنها يقيمون في البادية مع أهلها يسألون كل قادم عما جرى على المسلمين (وَلَوْ كانُوا فِيكُمْ ما قاتَلُوا إِلَّا قَلِيلاً). هذا مثل قوله تعالى في الآية السابقة من هذا المقطع : (وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلاً).
(لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيراً (٢١) وَلَمَّا رَأَ الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزابَ قالُوا هذا ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَما زادَهُمْ إِلاَّ إِيماناً وَتَسْلِيماً (٢٢) مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى