الله بعث اليهم رسلا مبشرين ومنذرين ، واتخذ عليهم الحجة وبيّن لهم محابّه ومكارهه من الأعمال ، فاتبعوا هذه ، واجتنبوا تلك ، فحقت عليهم كلمة العذاب (فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ) من الخزي والدمار (إِلَّا عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ) فقد أنجاهم سبحانه من عذابه ، وكافأهم بأجره وثوابه.
(وَلَقَدْ نادانا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ). يشير سبحانه الى ما جاء في الآية ٢٦ من سورة نوح : (وَقالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً). (وَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ). استنصر نوح بالله على طغاة قومه ، فأغرقهم الله ولم يبق منهم ديارا استجابة لدعاء نبيه نوح ، ونجاه ومن آمن معه من أذى الكفرة الفجرة ومن كل كرب وسوء.
(وَجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْباقِينَ) بعد الطوفان دون الناس أجمعين. وفي تفسير الطبري : «ذرية نوح هم الباقون في الأرض بعد مهلك قومه ، والناس كلهم من بعده الى اليوم إنما هم من ذرية نوح ، فالعجم والعرب أولاد سام بن نوح ، والترك والصقالبة أولاد يايف ، والسودان أولاد حام ، وبذلك جاءت الآثار وقالت العلماء». وقد توفي الطبري سنة ٣١٠ ه أي قبل أكثر من ألف سنة ، ولسبقه وتقدمه يلقبونه بشيخ المفسرين.
وفي «قاموس الكتاب المقدس» : «سام اسم عبراني ومعناه «اسم» وهو أكبر أولاد نوح ، ومن نسله العرب والآراميون والآشوريون واليهود ، ولذلك تدعى اللغات التي يتكلمون بها السامية نسبة اليه ، مثل اللغة العربية واللغة العبرانية .. ويافث اسم ساميّ ربما كان معناه جمال .. ومن ذريته الذين سكنوا الجبال الغربية من النجاد جنوبي بحر قزوين والبحر الأسود حتى شواطئ وجزائر البحر المتوسط من أصل هندي أوروبي ـ ويدخل في هؤلاء الترك والصقالبة الذين أشار اليهم الطبري ـ وحام اسم عبري ، ومعناه حام أي ساخن ، وهو أصغر أبناء نوح».
(وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ). أبقينا له الذكر الجميل مدى الحياة (سَلامٌ