الجاه فهو ـ في الأعم الأغلب ـ أداة للبغي والعدوان. ورب علم الجهل خير منه كالعلم الذي أنتج القنبلة الذرية ، وما اليها من الأسلحة الجهنمية .. كلا ، ليس المراد برحمته تعالى في هذه الآية المال وحده ولا الصحة وحدها ، ولا مجرد الجاه والعلم ، وإنما المراد بها لطف الله وهدايته الى الخير ، ووقايته من الشر.
قال الإمام علي (ع) : «عند تناهي الشدة تكون الفرجة ، وعند تضايق حلق البلاء يكون الرخاء» وقد شاهدنا أيسر المشاكل تزداد تعقيدا كلما اجتهد أصحابها في حلها ، ورأينا أعسرها تحل بسهولة ويسر أو تلقائيا ، ولا سر لذلك إلا إرادة الله ورحمته ، وصدق من قال : «ينام الإنسان على الشوك مع رحمة الله فإذا هو مهاد ، وينام على الحرير بدون هذه الرحمة فإذا هو شوك القتاد».
(يا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ). هذا التذكير بنعمة الله وبأنه وحده الخالق الرازق انما هو تأكيد للآية السابقة : «ما يفتح الله للناس الخ» وفي نهج البلاغة : «فكم خصكم الله بنعمته ، وتدارككم برحمته ، أعورتم له ـ أي ظهرت له عوراتكم ـ فستركم ، وتعرضتم لأخذه ـ أي لهلاكه ـ فأمهلكم .. فاستتموا نعم الله عليكم بالصبر على طاعته ، والمجانبة لمعصيته ، فإن غدا من اليوم قريب».
(وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (٤) يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ (٥) إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّما يَدْعُوا حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحابِ السَّعِيرِ (٦) الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَالَّذِينَ