جاءَنا). ما زال الخطاب من المؤمن الصالح لقومه آل فرعون ، ومعناه : أنتم الآن في أمن وأمان ، ولكم الملك والغلبة ، وهذه نعمة امتن بها الله عليكم ، فلا تعرضوها للزوال بقتلكم من قال : الله ربي .. ومن الذي ينجينا من بأسه تعالى إذا جاءنا بياتا أو نهارا؟.
والخلاصة ان مؤمن آل فرعون دافع عن موسى بالتي هي أحسن ، وجادل أعداء الله بالحكمة والموعظة الحسنة ، فبرّأ أولا موسى من الذنب ، ثم أمّن ثانيا أعداءه من خطره وضرره ، ثم ذكّرهم ثالثا بنعمة الله عليهم ، وحذرهم أن يبدلوها كفرا .. وقد استطاع هذا الأسلوب الحكيم أن يثني الطاغية عن عزمه وتصميمه على قتل موسى حتى (قالَ فِرْعَوْنُ ما أُرِيكُمْ إِلَّا ما أَرى وَما أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشادِ). وهذا القول من فرعون يشبه الاعتذار مما كان قد عزم عليه من قتل موسى والفضل في ذلك للمؤمن الناصح ، والمعنى اني ما أشرت بقتل موسى إلا بعد التدبر وإمعان النظر ، وما أردت بذلك إلا خيركم وصلاحكم.
(وَقالَ الَّذِي آمَنَ يا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزابِ (٣٠) مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ (٣١) وَيا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنادِ (٣٢) يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ ما لَكُمْ مِنَ اللهِ مِنْ عاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ (٣٣) وَلَقَدْ جاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّناتِ فَما زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولاً كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتابٌ (٣٤) الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ