مقيم ولا ظاعن ، وبعد الموت يبعث ويسأل عما ترك من الواجبات ، وفعل من المحرمات ، ومنها الاقامة في بلد يضطر فيه الى ترك العبادات وشرب المسكرات.
(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها). من يخرج من بيته مهاجرا الى الله عوّضه تعالى خيرا منه غرفا وأشجارا وأنهارا في دار السلام والمقام (نِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) ، وأي أجر أعظم من الجنة؟ ولأنها عظيمة كان ثمنها غاليا وعظيما ، وهو ان يرفض مبتغيها الاستسلام لأعداء الله ، والخوف إلا من الله ، وان يخلص لله وحده ، ويصبر من أجل ذلك على الخطوب والأحداث أيا كان نوعها.
(وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللهُ يَرْزُقُها وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ). ان كثيرا من الناس يؤمنون ـ نظريا ـ بالله ، وان أرزاق الخلائق بيده وحده ، وان خزائنه لا نفاد لها ولا نهاية ، وانه كريم لا يخيب من توكل عليه ، ووثق به ، يؤمن بهذا نظريا ، ولكنه يكفر بالله ـ عمليا ـ ويثق بالمخلوق دون الخالق ، ويتقرب اليه بما فيه ذهاب دينه وضميره طامعا بما في يده من جاه ومال ، ويبتعد عن الله يائسا منه ومن جوده وخزائنه .. وهذه الآية تقريع وتهديد لهذا المؤمن الكافر.
ان الله سبحانه هو خالق الكون بما فيه ، وأسباب الرزق بشتى أنواعها تنتهي اليه ، وهي مهيأة لكل طالب وراغب إذا سعى لها سعيها ، وان تعذر منها سبب تهيأ للراغب ما هو خير وأجدى من حيث لا يحتسب بشهادة الحس والعيان ، بل ان كثيرا من الكائنات الحية لا تعمل للرزق ولا تحمله ، ومع هذا يأتيها رغدا عند حاجتها اليه .. وفي هذا عظة للخائنين العملاء ، ولكل من باع دينه للشيطان ، واتخذ من معصية الله ذريعة للرزق ولقمة العيش ، وحاشا لله أن ينهى عن شيء ويحصر سبب الرزق فيه ، كيف ودينه دين الحياة! قال الإمام علي (ع) :