قال أبو حيان الأندلسي في تفسيره البحر المحيط : «كفاهم القتال بإرسال الرياح والجنود ، وهم الملائكة ، وقيل : المراد علي بن أبي طالب ومن معه ، برزوا للقتال ، وقتل علي عمرو بن ود». وفي الحديث : «لضربة علي يوم الخندق أفضل من عمل الثقلين». وفي رواية ثانية : «لمبارزة علي لعمرو أفضل من عمل أمتي الى يوم القيامة». نقل هذه الرواية الحاكم في المستدرك ج ٣ ص ٣٢. (السيد محسن الأمين ، أعيان الشيعة ج ٢ والشيخ المظفر ، دلائل الصدق ج ٢).
(وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ صَياصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيارَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ وَأَرْضاً لَمْ تَطَؤُها وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً). المراد بأهل الكتاب هنا بنو قريظة خاصة. وضمير «هم» في قوله تعالى «ظاهروهم» يعود الى الأحزاب ، وصياصيهم حصون بني قريظة. أما قوله تعالى : (وَأَرْضاً لَمْ تَطَؤُها) فهو بشارة بالفتوح الاسلامية.
قلنا فيما تقدم : ان بني قريظة ، وهم قبيلة من اليهود ، كانوا يساكنون النبي (ص) بالمدينة أو بضواحيها ، وانه كان بينه وبينهم عهد أن لا يعينوا عليه عدوا ، ولما حاصرت الأحزاب المدينة نقضوا العهد وأعلنوا الحرب ، كما هو شأن اليهود قديما وحديثا .. وهاتان الآيتان اللتان نحن بصددهما تشيران الى ما حدث لبني قريظة بعد نقضهم العهد وهزيمة الأحزاب ، وخلاصته :
لما كفى الله المؤمنين قتال الأحزاب نادى منادي رسول الله بالخروج الى بني قريظة ، ولما وصل اليهم جيش المسلمين أغلقوا عليهم الحصن ، فعرض النبي (ص) عليهم الإسلام على أن يكون لهم ما للمسلمين ، وعليهم ما عليهم ، وإلا حاصروهم حتى يستسلموا أو يحاربوا ، فأشار عليهم رئيسهم كعب بن أسد أن يسلموا ويؤمنوا بمحمد (ص) ، وقال : فوالله لقد تبين لكم أنه نبي مرسل وانه الذي تجدونه في التوراة ، فأبوا وقالوا : لا نفارق ديننا.