الكريم منكرا جدال المشركين بالباطل : أرأيت وشاهدت يا محمد الى المشركين والمترفين كيف يعمون عن الحجج القاطعة والبينات الواضحة على عظمة الله ونبوتك وينصرفون عن الحق ودلائله الى الجهل والضلال وعبادة الأحجار؟ وأوضح تفسير لهذه الآية وأخصره قول الإمام علي (ع) : من كثر نزاعه بالجهل دام عماه عن الحق.
(الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتابِ ـ أي القرآن ـ وَبِما أَرْسَلْنا بِهِ رُسُلَنا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ). وذلك يوم تسفر الحقيقة عن وجهها ، ويرى المجرمون ما يحل بهم من العذاب (إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ). يجرّون بالسلاسل الى حريق الجحيم وشراب الحميم ، والأيدي مغلولة الى الأعناق ، والنواصي مقرونة بالأقدام : (يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ) ـ ٤١ الرحمن.
(ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) وتدخرونهم للشدائد؟ فادعوهم فليستجيبوا لكم ان كنتم صادقين (قالُوا ضَلُّوا عَنَّا) غابوا عن أعيننا ولم نر لهم عينا ولا أثرا (بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُوا مِنْ قَبْلُ شَيْئاً) يعتد به ، وتبين لنا الآن أنه كان سرابا (كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ الْكافِرِينَ) لأنهم سلكوا طريق الضلال بسوء اختيارهم بعد أن نهوا عنه ، وماتوا على البغي والكفر ، وقد أمروا بالتوبة منه والانابة الى الله الغفور الرحيم .. ومن دخل مداخل السوء فلا يلومن إلا نفسه.
(ذلِكُمْ بِما كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِما كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ). يفرحون بالحقير الزائل يدركونه من الدنيا ، ولا يهتمون بالنعيم الدائم يفوتهم من الآخرة. وهذا الوصف يشملنا نحن أيضا ، ولا يختص بالمشركين ، والفرق انهم يقبلون على الدنيا ، وهم كافرون باليوم الآخر ظاهرا وباطنا ، أما نحن فنقبل على الدنيا ونطلبها متكالبين ، ولكن باسم الايمان بالله واليوم الآخر .. فأي الفريقين أحق بغضب الله وعذابه؟. (ادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ). يقال هذا غدا للمتكبرين ، ولكل من استغل الدين ، وتاجر بالوطنية ، وعبث