ليلا ونهارا لأن الإنسان قد يسعى لرزقه في الليل ، أما قوله تعالى : (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِباساً وَجَعَلْنَا النَّهارَ مَعاشاً) ـ ١١ النبأ فانه محمول على الغالب ، ومهما يكن فان الغرض هو التذكير بحكمته تعالى من تقسيم حياة الإنسان الى الكدح والراحة ، حيث لا تنتظم الحياة إلا بهما (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ) دعوة الله فيستجيبون لها ، ومواعظه فيتعظون بها.
(وَمِنْ آياتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ ماءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ). تقدم مثله في الآية ١٢ من سورة الرعد ج ٤ ص ٣٨٨ (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّماءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ). كل موجود يفتقر إلى عناية الله في بقائه واستمراره ، تماما كما يفتقر اليه تعالى في أصل الخلق والإيجاد ، وما تخلت عناية الله عن شيء إلا صار هباء هو وجاذبيته ودعائمه (ثُمَّ إِذا دَعاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ). ان دعوة الله في الدنيا هي دعوة نصح وإرشاد يستجيب لها المتقون ، ويعرض عنها المجرمون ، أما دعوته في الآخرة فإنها دعوة التكوين والتنفيذ لا مفر منها للمدعو إلا الى الداعي عظمت قدرته. وتقدم مثله في الآية ٥٢ من سورة الإسراء ج ٥ ص ٥٣.
(وَلَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ (٢٦) وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٢٧) ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ شُرَكاءَ فِي ما رَزَقْناكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَواءٌ تَخافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ