(اللهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزانَ). المراد بالكتاب هنا القرآن ، ومعنى نزوله بالحق ان كل ما فيه حق ، وأيضا يقر ويعترف بكل ما هو حق ، ومعنى نزوله بالعدل انه يفصل بين الناس بالعدل ، فالعدل يحتاج الى طرفين دون الحق أي ان الحق أعم ، فكل عدل يقال له حق ، وليس كل حق يقال له عدل .. تقول : الشمس حق لأنها موجودة ، ولا تقول : الشمس عدل (وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ). هذا جواب قول المستهزئين : متى قيام الساعة؟ أما قربها فلأن كل آت قريب. ومن مات فقد قامت قيامته.
(يَسْتَعْجِلُ بِهَا) استهزاء (الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها). وكم من مستعجل امرا ودّ حين يدركه ان بينه وبينه بعد المشرقين (وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ). أجل ، انهم يعرفون حقيقتها تماما كمن قد رآها ، لذا خافوا منها ، ومما قاله الإمام علي (ع) في وصفهم : «قد براهم الخوف بري القداح ـ أي السهام ـ ينظر اليهم الناظر فيحسبهم مرضى ، وما بالقوم من مرض ، ويقول :
قد خولطوا ، ولقد خالطهم أمر عظيم» ونظم هذا المعنى بعض الشعراء فقال :
يقال مرضى وما بالقوم من مرض |
|
أو خولطوا خبلا حاشاهم الخبل |
تعادل الخوف والرجاء فلم |
|
يفرط بهم طمع يوما ولا وجل |
(أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ). يمارون يجادلون ، وفي ضلال بعيد أي أوغلوا في الضلال لأنهم أنكروا النشأة الأخرى ، وهم يرون النشأة الأولى.
(اللهُ لَطِيفٌ بِعِبادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ (١٩) مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ (٢٠) أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ شَرَعُوا لَهُمْ