(وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ). في هذا اليوم يعلم المجرمون انه لا أمل ولا حيلة لمن أسلف المعصية ، وسوّف التوبة ، فتذهلهم مرارة اليأس لأنهم أمعنوا في الضلالة وأصروا عليها (وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكائِهِمْ شُفَعاءُ وَكانُوا بِشُرَكائِهِمْ كافِرِينَ). كان لهم شركاء في الدنيا يتبعونهم في الضلال والفساد جهلا وتقليدا ، ويرجون نفعهم وشفاعتهم يوم القيامة حتى إذا برزوا لله جميعا ورأوا العذاب وأيقنوا ان لا شريك ولا شفيع تبرأ المتبوع من التابع ، والقائد من المقود. وتقدم مثله في الآية ١٦٦ من سورة البقرة ج ١ ص ٢٥٥.
(وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ) ضمير يتفرقون يعود إلى أهل الجنة وأهل النار ، أي انهم كانوا في الدنيا يلتقون ويجتمعون في الأندية والأسواق والمعاهد والمعابد وغيرها ، أما يوم القيامة فلا اجتماع بينهم ولا لقاء (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا وَلِقاءِ الْآخِرَةِ فَأُولئِكَ فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ). يخرج الله الخلائق غدا من الأجداث ويجمعهم لما يريد من مسألتهم ، ثم يجعلهم فريقين : أهل الشر وأهل الخير ، فينعم على هؤلاء بمقام كريم وجنة نعيم ، وينتقم من أولئك بنزل من حميم وتصلية جحيم.
(فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (١٧) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (١٨) يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَكَذلِكَ تُخْرَجُونَ (١٩) وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ (٢٠) وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً