وتساوي المجازين لا جزم بشغل الذمّة ولا الظنّ به حتّى يجب تحصيل البراءة والخروج عن عهدته » وقد ذكر نحو ذلك قبيل هذا في حاشية اخرى فقال : « واحتمال شغل الذمّة من غير الجزم أو الظنّ به أوّلا لا يقتضي وجوب العمل ، غايته الاحتياط وهو ليس بواجب » انتهى.
وفيه من الوهن والفساد ما لا يخفى ، فإنّ احتمال المجاز في المقيّد مع احتماله في المطلق وتساويهما لا يوجب الشكّ في أصل شغل الذمّة الّذي هو شكّ في التكليف ، بل يوجب دوران المشتغل به الذمّة بحسب الواقع بين الماهيّة المطلقة والماهيّة المقيّدة الّذي هو شكّ في المكلّف به.
فقول المعترض : « لا جزم بشغل الذمّة ولا الظنّ به » إن أراد به إنكار العلم أو الظنّ أو الظنّ المعتبر بأصل اشتغال الذمّة ومرجعه إلى دعوى الشكّ في أصل التكليف فهو خروج عن مقتضى الفرض من أنّ ورود المطلق والمقيّد معا أوجب العلم بأصل التكليف ، وتعارضهما دورانه في النظر بين التخيير والتعيين ويلزم دوران المكلّف به الواقعي بين الماهيّة المطلقة والماهيّة المقيّدة ، وإن أراد به إنكار العلم أو الظنّ بشغل الذمّة بالمقيّد بالخصوص فهو كذلك إلاّ أنّ العلم بشغل الذمّة بالأمر المجمل المردّد بين الأمرين كاف في جريان أصل الاشتغال الّذي مناطه الحكم بوجوب تحصيل اليقين بالبراءة الّذي لا يحصل إلاّ بالإتيان بالمقيّد ، ولا حاجة معه إلى ثبوت وجوب الاحتياط شرعا ولا إلى ثبوت اشتغال الذمّة بالمقيّد بالخصوص ، وإلاّ لم يحتج في التزام وجوب الإتيان به إلى توسيط قاعدة الشغل هذا.
ولكنّ الإنصاف [ أنّ التمسّك ] بأصل الشغل في نحو المقام ليس في محلّه.
أمّا أوّلا : فلأنّ مرجع تساوي احتمالي المجاز في المطلق والمجاز في المقيّد إلى تساوي الدلالتين المستلزم لوقوع التعارض بين الدلالة المجازيّة في أحدهما والدلالة الحقيقيّة في الآخر والتساوي يوجب الإجمال في الخطابين ، ومرجع الترجيح بأصل الشغل إلى تحكيم حقيقة المقيّد على حقيقة المطلق وإحراز دلالته المجازيّة ، على معنى أنّه يكشف عن اختيار التجوّز في المطلق بإرادة المقيّد منه مجازا وهذا غير معقول ، لأنّ الأصل المذكور لكونه من الاصول العمليّة متكفّل لبيان كيفيّته الّذي مرجعه إلى بيان الحكم الظاهري المجعول للجاهل الشاكّ في المكلّف به الواقعي غير متعرّض لحال الدليل ببيان المراد منه في الواقع ، حيث لا نظر فيه إلى الواقع أصلا وإلاّ كان مؤدّاه حكما واقعيّا وهو