باطل بدليل الخلف.
وأمّا ثانيا : فلأنّ الأصل حكم كلّي لموضوع أخذ فيه ما ينافي الدلالة وهو الإجمال فلا يصلح محرزا لها بل لا يعقل ذلك أيضا ، ولذا حقّق في محلّه أنّ الأصل كما لا يصلح معارضا للدليل فكذا لا يصلح معاضدا له ولا مرجّحا له لعدم اتّحاد موضوعيهما.
وأمّا ثالثا : فلأنّ العمل بالمقيّد من جهة الأصل المذكور إمّا أن يراد به الالتزام بمؤدّاه وهو الأخذ بالوجوب التعييني للفرد على أنّه حكم واقعيّ فعليّ أو يراد به تطبيق الحركات والسكنات الخارجيّة على مؤدّاه وهو الإتيان بعتق رقبة مؤمنة مثلا امتثالا للأمر التعييني.
وأيّا مّا كان فالتمسّك بأصل الاشتغال لإتيانه ليس في محلّه لعدم كون الأصل في مجراه.
أمّا على الأوّل : فلأنّ من شروط جريان ذلك الأصل وجود القدر المتيقّن في مجراه ليكون نتيجته وجوب الأخذ بالقدر المتيقّن وهذا الشرط مفقود في مفروض المقام ، ضرورة أنّ الوجوب التعييني ليس قدرا متيقّنا في محلّ تعارض الخطابين من حيث الدلالة في التخيير والتعيين.
وأمّا على الثاني : فلأنّ من شروط جريان هذا الأصل بعد إحراز العلم بأصل التكليف وكون الشكّ في المكلّف به ووجود القدر المتيقّن ممّا يحصل به البراءة في البين أن لا يكون الشكّ في المكلّف به آئلا إلى الشكّ في [ التكليف ] وإلاّ كان المورد من مجرى أصل البراءة ، وهذا الشرط غير متحقّق في المقام لتيقّن ثبوت التكليف بأصل الماهيّة في الجملة من ملاحظة الخطابين وأول الشكّ في أنّ المكلّف به المعلوم بالإجمال في مثل : « أعتق رقبة » و « أعتق رقبة مؤمنة » هل هو الماهيّة المطلقة أو الماهيّة المقيدة إلى اشتراط الماهيّة المأمور بها بالإيمان؟ وهذا شكّ في التكليف بأمر زائد على الماهيّة والأصل براءة الذمّة عن الأمر الزائد.
لا يقال : هذا إنّما يتمّ لو فرض أنّا مكلّفون بعتق رقبة ولا نعلم هل يشترط « الإيمان » أم لا؟ فحينئذ يمكن نفيه بأصل البراءة وليس كذلك ، إذ بعد تعارض المجازين وتصادم الاحتمالين يبقى الشكّ في أنّ المكلّف به هل هو المطلق أو المقيّد؟ وليس هاهنا قدر مشترك يقينيّ نحكم بنفي الزائد عنه بالأصل ، لأنّ الجنس الموجود في ضمن المقيّد لا ينفكّ عن الفصل ولا تفارق بينهما.
لأنّا نقول : إنّ « عتق رقبة » في الجملة الصادق مع عتق رقبة مطلقة ومع عتق رقبة