نقله المصنّف على تسليم أنّ الجمع لا يحصل إلاّ بارتكاب مجاز فأورد أنّ هذا إنّما يتمّ لو كان المجاز في المقيّد ممتنعا أو مرجوحا.
وقد عرفت أنّ ذلك التسليم غير لازم ، وأيضا يقين البراءة لا يتوقّف على الحمل بهذا المعنى ، هذا على تقدير إرادتهم من حمل المطلق على المقيّد ما ذكر وأمّا لو كان مرادهم العمل بالمقيّد من غير مجاز في المطلق فالاستدلال صحيح.
ولا يرد عليه ما ذكرنا ولا الإشكال الّذي ذكره المصنّف لأنّ الأصل عدم المجاز في كليهما ، فالمطلق يقتضي وجوب إيجاد الماهيّة لا بشرط شيء والمقيّد وجوب إيجاد القيد أيضا ولا تنافي بينهما أصلا ، فيجب إيجاد الماهيّة مع القيد حتّى يجمع بينهما وتحصل البراءة من مقتضى المقيّد ، وليس حينئذ مجاز في شيء من الطرفين حتّى يقال يحصل التعارض والتساقط ويبقى المطلق سليما عن المعارض » انتهى.
وقال في حاشية اخرى بعيد ذلك ـ ردّا على ما ذكره المصنّف عند الاستدلال على كون المقيّد بيانا من أنّ المراد من المطلق « كرقبة » مثلا أيّ فرد كان من أفراد الماهيّة ـ :
« قد عرفت ما فيه من أنّ هذا ليس مدلول المطلق ، بل ربّما كان مدلوله معيّنا في الواقع وإن لم يكن اللفظ مستعملا في التعيين بل هذا أكثر وأظهر في الأخبار.
نعم في الأوامر يحتمل الاحتمالين ، فإنّما يلزم ذلك الشمول عن عدم التقييد مع ضمّ أنّ الأصل براءة الذمّة من التعيين أو لزوم الترجيح بلا مرجّح ، بخلاف العامّ فإنّ مدلوله العموم.
وعلى هذا التحقيق لا يكون التقييد تخصيصا وقرينة على المجاز فضلا من أن يكون نسخا » انتهى.
وملخّص ما ذكره في الاعتراض منع انحصار طريق الجمع بين الدليلين هنا في حمل المطلق على المقيّد الموجب للتجوّز في المطلق ، بل قد يحصل الجمع بينهما والعمل بهما بالعمل بالمقيّد مع إبقاء [ المطلق ] على حقيقته.
وتوضيحه : أنّ المطلق إنّما يكون مطلقا إذا أريد منه الماهيّة من حيث هي أو الحصّة الشائعة ، وهذا لا يلازم أن يكون مفاده دائما باعتبار تعلّق الحكم الشرعي به صحّة العمل بأيّ فرد كان الّتي يقال لها التخيير ، وذلك لأنّ موضوع الحكم قد يكون في الواقع ولحاظ المتكلّم معيّنا وهو الماهيّة المقيّدة من دون استعمال اللفظ في التعيين ، ومرجعه إلى أن يراد ذلك المعيّن من اللفظ باعتبار الماهيّة المتحقّقة فيه لا باعتبار الخصوصيّة المشخّصة لتلك