بل هو إثبات لوجوب العمل بالمقيّد حيث لم يكن في مقابله مطلق يعارضه.
وأمّا ثانيا : فلأنّ ظاهر المطلق على ما ذكره وجوب العيني للماهيّة من حيث هي وظاهر المقيّد وجوب العيني للفرد بالخصوص ، وهما أيضا مع فرض وحدة التكليف متنافيان ولو باعتبار لازميهما وهما الخروج عن عهدة التكليف بغير ذلك الفرد وعدم الخروج عنها إلاّ به ، فتعيّن العمل بظاهر المقيّد ليس بأولى من تعيّن العمل بظاهر المطلق.
وأمّا ثالثا : فلأنّ ما منعه من اقتضاء التخيير في المطلق إن أراد به اقتضاءه على وجه الدلالة الأصليّة المقصودة من الخطاب أصالة ليكون تخييرا شرعيّا فهو كما ذكره ولكنّه ليس بمراد في المقام ، وإن أراد به اقتضاءه على وجه الدلالة التبعيّة من باب الإشارة الحاصلة بملاحظة الخطاب مع ملاحظة مقدّمة اخرى خارجة عن الخطاب وهي عدم إمكان امتثال الأمر بالماهيّة إلاّ بإتيان الفرد وقبح الترجيح من غير مرجّح في صورة تعدّد الأفراد ، فإنكاره مكابرة للوجدان ومدافعة للعيان فلا ينبغي الإصغاء إليه.
وربّما المنع المذكور ـ على ما ذكره المحقّق السلطان في حواشيه ـ اعتراضا على الاستدلال لحمل المطلق على المقيّد بأنّه جمع بين الدليلين بأنّ : « الجمع بينهما لا ينحصر في حمل المطلق على المقيّد إن كان المراد بالحمل الحكم بأنّ المراد بالمطلق حين استعماله هو المقيّد حتّى يكون مجازا كما هو المشهور ، لأنّه لو بقي على إطلاقه أيضا بلا مجاز أصلا وعمل بالمقيّد يلزم العمل بهما معا ، فيجب العمل بالمقيّد من حيث اقتضاء الأمر بالمقيّد له وإن كان المطلق باقيا على إطلاقه غير مقتضي للتقييد وعدمه ، فالجمع بينهما حاصل مع إبقاء المطلق على إطلاقه من غير مجاز في المطلق ولا في المقيّد.
لا يقال : لا يجتمع وجوب العمل بالمقيّد مع بقاء المطلق على حقيقته ، لأنّ مقتضى الإطلاق ومدلوله صحّة العمل بأيّ فرد كان على سبيل البدل وتعيين العمل بالمقيّد ينافيه.
لأنّا نقول : لا نسلّم أنّ مدلول المطلق ذلك بل أعمّ منه وممّا يصلح للتقييد بل المقيّد في الواقع.
ألا ترى أنّ معروض للقيد في المقيّد كقولنا : « رقبة مؤمنة » إذ لا شكّ أنّ مدلول « رقبة » في : « رقبة مؤمنة » هو المطلق وإلاّ لزم حصول المقيّد بدون المطلق ، مع أنّه لا يصلح لأيّ رقبة كانت ، فظهر أنّ مقتضى المطلق ليس ذلك وإلاّ لم يتخلّف عنه.
نعم لو أبقى بدون القيد لزم ذلك من أنّ الأصل البراءة عن التعيين ، وبناء الإشكال الّذي