ويزيّفه : أنّ الاتّفاق على الكبرى الّذي لا ينافيه الاختلاف في الصغرى هو مثل الاتّفاق على حدوث كلّ متغيّر مع الاختلاف في كون العالم متغيّرا أم لا ، والاتّفاق على جسميّة كلّ حيوان مع الاختلاف في كون الجنّ حيوانا وعدمه ، وما نحن فيه ليس من هذا القبيل بل هو اتّفاق على النتيجة لاندراج الأصغر في الأوسط ضرورة أنّه اتّفاق على الحمل في المختلفين لأجل التنافي ، وهذا نظير ما لو فرض في المثالين الاتّفاق على حدوث العالم لأنّه متغيّر وعلى جسميّة الجنّ لأنّه حيوان.
ولا ريب أنّ الاختلاف في الصغرى حينئذ ينافيه.
والسرّ فيه : أنّ الاتّفاق على الحمل في المختلفين تعليلا بالتنافي في معنى الاتّفاق على التنافي ، وهو في معنى الاتّفاق على دلالة النهي في المقيّد على الفساد ، ومعه كيف يعقل الاختلاف في مسألة النهي في العبادات والمعاملات في دلالة النهي على الفساد وعدمها؟
وبما قرّرناه لا مجال لأحد أن يقول : بأنّ القضيّة في مقام الحمل شرطيّة وظاهر أنّ الاتّفاق على الشرطيّة لا ينافيه الاختلاف في الشرط ، وهذا كما لو فرض في المثالين اتّفاقهم على حدوث العالم على تقدير كونه متغيّرا وعلى جسميّة الجنّ على تقدير كونه حيوانا ، ففيما نحن فيه أيضا يفرض الاتّفاق على المختلفين على تقدير التنافي ، لأنّه خلاف ما يستفاد من كلماتهم في باب حمل المطلق على المقيّد فإنّها بين صريحة وظاهرة في تعليل الحمل بالتنافي المقتضي لكونه مفروغا عنه متسالما فيه.
ويمكن الذبّ عن الإشكال بطريق آخر وهو أن يقال : إنّ الاتفاق على الحمل في المختلفين لا يراد منه ما يدخل فيه منكروا دلالة النهي على الفساد في مسألة النهي عن العبادات والمعاملات ، بل ما يدخل فيه منكروا حمل المطلق على المقيّد في المثبتين على ما ستعرفه من أنّ الحمل فيهما مختلف فيه ، وكما يراد من الاتّفاق على عدم الحمل في المنفيّين ـ كما تعرفه ـ ما يدخل فيه الفريقان في المثبتين فكذلك يراد من الاتّفاق على الحمل في المختلفين ما يدخل فيه الفريقان في المثبتين ، ومن المعلوم أنّ الاتّفاق بهذا المعنى لا ينافيه خروج منكري دلالة النهي على الفساد في مسألة النهي في العبادات والمعاملات كما هو واضح.
المقام الثاني : في المنفيّين كقوله : « لا تعتق رقبة » و « لا تعتق رقبة كافرة » والمذكور في مختصر الحاجبي والمعالم وغيرهما من كتب الاصول التمثيل له بقوله : « لا تعتق مكاتبا »