مسامحة واضحة ، لأنّه حمل له على ما يضادّ المقيّد [ لا ] على نفس المقيّد.
وقد يذكر من أمثلة هذا القسم ما لو قال : « أعتق رقبة » مع قوله : « لا يجب عتق الكافرة » والظاهر أنّ مبناه على جعل المنفيّ في جانب المقيّد ماهيّة الوجوب المتناولة للعيني والتخييري.
ولا ريب أنّ نفيها في المقيّد ينافي التخيير المستفاد من المطلق فوجب حمله على إرادة المؤمنة دفعا للتنافي.
وفيه : منع واضح لأنّا لو سلّمنا توجّه النفي في المقيّد إلى ماهيّة الوجوب لا إلى خصوص العيني منه إمّا لكونه حقيقة فيه كما قيل أو لانصراف إطلاقه إليه في قول آخر ، نمنع منافاته لمقتضى المطلق ، فإنّ التخيير المستفاد منه من جهة العقل ليس تخييرا طلبيّا يقال له : الوجوب التخييري لا شرعا ولا عقلا.
أمّا الأوّل : فلضرورة أنّ الشارع لم ينشئ بالنسبة إلى أفراد الماهيّة طلبا لا عينا ولا تخييرا بل إنّما أنشأ بالنسبة إلى نفس الماهيّة طلبا عينيّا.
وأمّا الثاني : فلوضوح انّ حكم العقل في أفراد الكلّي المأمور به ليس هو التخيير الطلبي وهو أن يخاطب المكلّف ويقول : « افعل هذا أو هذا » بل هو تخيير إرشادي ومحصّله إرشاد المكلّف إلى جواز الإتيان بأيّ فرد يختاره في امتثال الأمر بالماهيّة ، فيكون حاصل معناه في المثال المتقدّم جواز الاجتزاء بعتق الكافرة ولا ريب أنّه لا ينافيه نفي ماهيّة الوجوب في جانب المقيّد.
ثمّ لا يخفى عليك أنّ الحمل في نحو : « أعتق رقبة » و « لا تعتق كافرة » وما في معناه مثل : « يحرم عتق الكافرة » مبنيّ على اقتضاء النهي واستلزام الحرمة الفساد ليكون مدلول المقيّد فساد عتق الكافرة و [ هو ] ينافي جواز الاجتزاء به الّذي هو مقتضى المطلق ، وكذا الكلام في نحو : « صلّ » و « لا تصلّ في الدار المغصوبة » إذ على القول بعدم الاقتضاء والاستلزام لا موجب للحمل من جهة أنّ مدلول المقيّد حينئذ حرمة عتق الكافرة ، وهو لا ينافي جواز الاجتزاء به عملا بإطلاق المطلق.
لا يقال : هذا إذا قدّرنا كون التنافي بينهما في الحكم الوضعي ، وإن قدّرناه في الحكم التكليفي فالتنافي حاصل ، ضرورة منافاة الحرمة جواز الاجتزاء به فيجب الحمل دفعا لهذا التنافي ، لعدم كون جواز الاجتزاء في جانب المطلق جوازا تكليفيّا شرعيّا مرادفا للإباحة ،