واضح الفساد ، هذا مع ضعف الرواية وكونها من أخبار الآحاد الّتي لا يعمل بها في نحو المسألة.
ومنها : أنّ الشاهدين ورد مطلقا في آية الدين كقوله تعالى : ( وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ )(١) ومقيّدا بالعدالة في آية الطلاق كقوله تعالى : ( وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ )(٢) فاعتبر العدالة في الأوّل أيضا حملا للمطلق على المقيّد.
وفيه : منع كون اعتبارها فيه لأجل الحمل ، بل لقيام الإجماع على اعتبارها في الشهادة في جميع مواردها.
ومنها : أنّ قوله تعالى : ( وَالذَّاكِراتِ )(٣) حمل على قوله : ( وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيراً )(٤) من غير دليل من خارج.
وفيه ـ مع أنّه ليس من المطلق ومنع اختلاف الموجب فيهما ـ : أنّ اعتبار القيد فيه من اقتضاء العطف المقتضي للتسوية بين المعطوف والمعطوف عليه لا لأجل الحمل ، ولو سلّم كونه لأجله فهو من جهة القرينة لا مجرّد مقابلة المطلق للمقيّد.
وأمّا القسم الثالث : أعني ما اتّحد حكمهما مع اتّحاد الموجب ، فهو محلّ النزاع الآتي في وجوب حمل المطلق على المقيّد وعدمه ، ويعتبر فيه مع الشرطين المذكورين شروط اخر : أوّلها : اتّحاد المتكلّم حقيقة أو حكما بأن يكونا واردين في كلام متكلّم واحد حقيقي ككلامه تعالى أو كلام رسوله صلىاللهعليهوآله أو كلام واحد من الأئمّة عليهمالسلام ، أو حكمي كالرسول مع الله تعالى باعتبار كونه مبلّغا عنه ، أو واحد من الأئمّة مع الله تعالى أو الرسول باعتبار كونهم مخبرين عنهما ، أو كلّ واحد من الأئمّة عليهمالسلام مع الآخر باعتبار كونهما حاكيين عن واحد ، فلو كانا واقعين في كلام متكلّمين متغايرين فلا يحمل مطلق أحد هما على مقيّد الآخر ، كما لو قال أحدهما لعبده : « أطعم يتيما » وقال غيره أيضا لعبده : « أطعم يتيما هاشميّا ».
والسرّ فيه : أنّ الداعي إلى الحمل إمّا كشف المقيّد في متفاهم العرف عن أنّ المراد من المطلق هو الماهيّة المقيّدة بقيده أو تنافي مدلوليهما فيحمل دفعا للتنافي ، ولا يتعقّل شيء منهما إلاّ في كلام متكلّم واحد حقيقي أو حكمي ، وقد يجعل من المتكلّم الواحد الحكمي رواة أخبارنا الّذين يروون عن أئمّتنا عليهمالسلام كزرارة ومحمّد بن مسلم مثلا إذا اختلفا في الرواية بالإطلاق والتقييد.
ثانيها : أن لا يكون مبناهما على الاجتهاد ، فلو اختلف الفتوى من مجتهد بالإطلاق
__________________
(١) البقرة : ٢٨٢.
(٢) الطلاق : ٢.
(٣ و ٤) الأحزاب : ٣٥.