رقبة » و « لا تملك كافرة » فإنّ الاستلزام الشرعي في نحوه ثبت بحكم ما دلّ على أنّه : « لا عتق إلاّ في ملك » فالعمل بإطلاق يقتضي الاجتزاء بعتق الكافرة وهو لا يتمّ إلاّ بعد تملّك الكافرة وهو ترك للعمل بقوله : « لا تملك كافرة » كما أنّ العمل بالمقيّد يقتضي عدم تملّك الكافرة وهو يقتضي عدم الاجتزاء بعتق الكافرة وهو ترك للعمل بإطلاق المطلق ، فلا بدّ حينئذ من الحمل بالحكم على الرقبة المطلقة بأنّ المراد منها المؤمنة.
وأمّا القسم الثاني : فهو ما اختلف موجبهما ـ على معنى علّة الحكم فيهما ـ مع اتّحاد الحكم بمعنى المحكوم به كالأمر بعتق رقبة في كفّارة الظهار وعتق رقبة مؤمنة في كفّارة القتل الخطأي الواردين في قوله تعالى : ( وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ )(١) مع قوله الآخر : ( مَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ )(٢) فالمعروف من مذهب الاصوليّين من الخاصّة والعامّة المنسوب إلى أكثر المحقّقين أنّه لا يحمل المطلق على المقيّد فيه أيضا بل يعمل بهما معا ، وقيل بالحمل كما عن الشافعي أو بعض أصحابه على اختلاف في النقل.
والمعتمد هو الأوّل ، لعدم التنافي حتّى في محلّ واحد كما لو صدر من المكلّف ظهار وقتل ، نظرا إلى أنّ تعدّد السبب يقتضي تعدّد التكليف وإن اختلفا في التخيير والتعيين ، فيجب عليه تارة عتق رقبة ولو كافرة واخرى عتق رقبة مؤمنة بالخصوص ، مضافا إلى بناء العرف وطريقة أهل اللسان من عدم فهم التقييد من المطلق وإن لوحظ معه المقيّد والعمل بظاهر إطلاق المطلق من غير توقّف ، وللمخالف وجوه ضعيفة :
منها : أنّ القرآن كالكلمة الواحدة ، وعن العدّة : أنّه قد روي عن أمير المؤمنين عليهالسلام (٣) فلو ثبت التقييد في أحد الحكمين دون آخر تحقّق الاختلاف بينهما وهو ينافي الوحدة.
وعن شرح العضدي أنّه قرّره : بأنّ كلام الله تعالى واحد وبعضه يفسّر ببعض.
وفيه ـ مع عدم جريانه في غير كلام الله فيكون أخصّ ـ : أنّ وحدة كلام الله أو كونه كالكلمة الواحدة إن اريد به عدم مناقضة بعضه بعضا فهو مسلّم ويدلّ عليه قوله تعالى : ( وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً )(٤) وفيما نحن فيه أيضا لا مناقضة بين المطلق والمقيّد لما عرفت من عدم تنافي مدلوليهما ، وإن اريد به كون المراد من كلماته وألفاظه معنى واحدا فيجب تنزيل المطلق على معنى المقيّد ليتّحد المعنى المراد منهما فهو
__________________
(١) المجادلة : ٣.
(٢) النساء : ٩٢.
(٣) لم نعثر عليها في الروايات.
(٤) النساء : ٨٢.