الأحوال العارضة للكلّي والعامّ ليس بكلّي فلا معنى للانصراف فيما ليس بكلّي.
نعم إنّما الكلام في تشخيص موضوع الحكم وهو المعنى المراد من « رجل » في مادّة « الرجال » وما اُضيف إليه « الكلّ » في المثالين ونظائرهما ، أهو الماهيّة من حيث هي هي أو الماهيّة من حيث تحقّقها في ضمن أفرادها الشائعة وهي ذوات رأس واحد من ماهيّة ذات ثبت له الرجوليّة؟ ومن الظاهر أنّه من المطلق المشكّك ، وكما أنّ كون الهيئة أو المضاف عامّاً لا ينافي كون المادّة والمضاف إليه مطلقاً مشكّكاً ، فكذلك عدم جريان الانصراف في العامّ ، من هذين الجزئين لا ينافي جريانه في المطلق منهما ، والظاهر أنّ المنكرين لجريانه في العمومات لا ينكرون ذلك لأنّه من انصراف المطلق لا العامّ ، فلو قلنا بالانصراف في « رجل » على معنى انصراف الماهيّة المنفهمة من اللفظ إلى حيث تحقّقها في ضمن أفراد ذي رأس واحد لغلبة إطلاق اللفظ عليها تبعاً لغلبة وجودها لم يناف ما قرّرناه أوّلا من عدم معقوليّة الانصراف في العمومات من حيث إنّها ألفاظ وضعت للدلالة على استغراق الحكم لجميع جزئيّات موضوعه ، إذ لا يتفاوت الحال في ذلك بين كون موضوع الحكم هو الماهيّة المأخوذة من حيث هي أو الماهيّة المتحقّقة في ضمن الأفراد الشائعة
ومن هنا ربّما يمكن جعل النزاع بين الفريقين لفظيّاً ، بأن يكون نظر المنكر إلى الجزء الأوّل من نحو المثالين المذكورين وإنكار هذا لا ينافي إذعانه بالانصراف في الجزء الثاني ، ونظر المجوّز إلى الجزء الثاني بزعم أنّه مع الجزء الأوّل كلمة أو كالكلمة الواحدة ، فليتدبّر.
وإذ قد عرفت أنّ قاعدة الانصراف من خصائص المطلقات فاعلم أنّ ها هنا أمرين ينبغي التنبيه عليهما.
الأمر الأوّل : إذا ورد دليل على مشاركة بعض الأفراد النادرة للأفراد الشائعة في الحكم فهل يجوز التعدّي والتخطّي عنه إلى البعض الآخر أو لا؟ خلاف بين السيّد والأكثر على ما نسب ، فالسيّد على الجواز ولذا جوّز تطهير المتنجّسات بالمضاف مع اختصاص دليل المشاركة بغسلها بماء الكبريت والنفط ، خلافاً للأكثر فمنعوا من التعدّي إليه ، ولذا لم يجوّز إزالة الخبث بالمضاف مع تجويزهم لها بمائي الكبريت والنفط.
والخطب في دفع مقالة السيّد في خصوص هذه المسألة سهل ، فإنّا لا نجوّز الغسل بالمضاف لخروجه عن إطلاقات الغسل بقاعدة « حمل المطلق على المقيّد » لا بقاعدة « انصراف المطلق إلى الأفراد الشائعة » فإنّ خطابات إزالة الخبث قسمان :