أحدهما : ما هو أمر بالغسل كقوله : « اغسل ثوبك من أبوال ما لا يؤكل لحمه ».
والآخر : ما هو أمر بالغسل بالماء كما في النصوص الكثيرة.
والأوّل : مطلق والثاني مقيّد فيحمل المطلق على المقيّد ، فإذا دلّ دليل على جواز الغسل بمائي الكبريت والنفط فلا معنى بعد الحمل المذكور للتعدّي إلى الغسل بالمضاف لأنّه ليس ماء ، هذا مع تطرّق المنع إلى صدق الغسل على استعمال المضاف حقيقة.
والكلام إنّما هو في كلّية المسألة الاُصوليّة وهو جواز التعدّي في تسرية الحكم إلى غير مورد الدليل من الأفراد الغير الشائعة ، أو وجوب الاقتصار على مورد الدليل.
والّذي يساعد عليه النظر هو التفصيل ، بأنّ المشكّك إن كان من « المضرّ الإجمالي » لكونه مردّداً بين اعتبار الماهيّة فيه من حيث هي أو من حيث تحقّقها في ضمن الأفراد الشائعة فالدليل الوارد على المشاركة في بعض الأفراد النادرة يوجب انكشاف عدم اعتبارها من حيث التحقّق في ضمن الأفراد الشائعة ، فيتعيّن كونها معتبرة من حيث هي لانتفاء الواسطة بالنظر إلى الاحتمال من اللفظ ولزمه التعدّي إلى البعض الآخر من الأفراد النادرة لأنّه أيضاً من أفراد الماهيّة.
وإن كان من « المبيّن العدم » فالدليل الدالّ على مشاركة البعض إن دلّ على المشاركة لدلالته على دخوله الموضوعي على معنى كشفه عن كون موضوع الحكم هو الماهيّة من حيث هي وهو داخل فيها لزمه التعدّي إلى البعض الآخر لأنّه أيضاً داخل في الماهيّة ، وذلك كما لو دلّ دليل على جواز السجود على حجر المغناطيس لكونه من الماهيّة الأرضيّة فيتعدّى منه إلى « حجر الحديد » لأنّه أيضاً من تلك الماهيّة.
وإن دلّ عليها من باب الإلحاق الحكمي من دون دلالة على دخوله الموضوعي فلا قاضي بالتعدّي حينئذ عن مورده إلى غيره ، كما لو دلّ دليل على جواز السجود على القرطاس المتّخذ من القطن أو الكتان أو القنب مثلا لا لكونه من الماهيّة الأرضيّة بل لإلحاق حكميّ فلا معنى للتعدّي منه إلى المتّخذ من الحرير.
ولو لم يظهر من دليل المشاركة أحد الأمرين وتردّدت بين كونها لدخول موضوعي أو لإلحاق حكمي فهل يحكم بالأوّل أو بالثاني؟ احتمالان ، أجودهما الأوّل لرجوع الشكّ إلى انصراف الماهيّة المنفهمة من اللفظ إلى الأفراد الشائعة وعدمه والظاهر يقتضي عدم الانصراف ، فتأمّل.