بالمياه النفطيّة والكبريتيّة بلا خلاف يظهر مع ندرة وجودها بالقياس إلى غيرها.
ومنها : بناؤهم على نقض الطهارة بما يخرج من الأحداث الثلاث البول والغائط والريح من المخرج الغير الطبيعي من غير خلاف يظهر أيضاً مع ندرة وجوده.
ومنها : تصريحهم في بطلان الصوم بالأكل والشرب بعدم الفرق فيه بين أكل أو شرب ما يعتاد أكله أو شربه ، وبين أكل أو شرب ما لا يعتاد أكله أو شربه مع ندرة وجود الثاني ، من غير فرق في ذلك بين جعل الاعتياد وعدمه اللذين مناطهما غلبة الوجود وندرته في نفس المأكول أو المشروب أو في أكله وشربه ، نظراً إلى أنّ الأكل والشرب الواردين في النصوص أيضاً من المطلقات وهم لا يعتبرون الاعتياد فيهما في إبطالهما الصوم.
وبما بيّنّاه من التعميم يندفع ما عساه يسبق إلى الوهم من المناقشة في هذا المثال بمنع ندرة الوجود في أكثر ما لا يعتاد أكله وشربه من الأشياء كالحجارة والتراب وأوراق الأشجار والنباتات والأدوية والعقاقير وما أشبه ذلك ، إلى غير ذلك من المواضع الّتي يقف عليها الخبير والبصير في الفروع.
هذا كلّه في مورد انفكاك غلبة الوجود عن غلبة الإطلاق.
وأمّا في مورد اجتماعهما فلا إشكال في اعتبار الغلبة هنا وأخذها منشأً للتشكيك وموجباً للانصراف ، لكن لا من حيث إنّها غلبة وجود بل من حيث إنّها غلبة إطلاق.
وبالجملة الغلبة المعتبرة في الانصراف في محلّ الاجتماع غلبة الإطلاق لا غلبة الوجود المصادفة لها ، بل الضابط في تحقّق غلبة الإطلاق في غالب مواردها إنّما هو غلبة الوجود ، على معنى أنّ غلبة وجود فرد الماهيّة توجب غالباً عروض غلبة إطلاق اللفظ باعتبار الماهيّة على ذلك الفرد ، ولا يلزم من ذلك أن يكون لغلبة الوجود من حيث هي دخل في التشكيك والانصراف ، فليتدبّر.
وأمّا الثالث : أعني « كمال الفرد ونقصانه » فكونه منشأً للتشكيك وموجباً للانصراف معروف من أهل العربيّة ، يقولون : إنّ المطلق ينصرف إلى الفرد الكامل ، ويظهر اختياره في أواخر الاُصوليّين من صاحب هداية المسترشدين وأخيه في الفصول حيث ذهبا في بحث الأمر إلى كونه لغةً للطلب المطلق وينصرف إطلاقه إلى الوجوب لكماله ، فإنّ التعليل بظهوره يقضي بعموم اعتبار الفرد الكامل في الانصراف ، خلافاً لأكثر الاُصوليّين ومحقّقيهم فلم يعتبروه في التشكيك والانصراف ، وهو الصحيح عندي أيضاً.