نقل مخالف فيه إلاّ ما قد ينسب إلى علم الهدى السيّد المرتضى من إنكاره أصل قاعدة
الانصراف في المطلقات المشكّكة ، استظهاراً له من تجويزه إزالة الخبث وتطهير
المتنجّسات بالمضاف استناداً إلى إطلاق الأوامر الواردة بغسل المتنجّسات مع كون
التطهير بالمضاف من نادر أفراد الغسل كما أنّ التطهير بماء الكبريت والنفط منها ،
وليست في محلّها بل النسبة غفلة من ناقلها لظهور كلام السيّد في المسألة المشار
إليها في [ العدول ] عن القاعدة بالنسبة إلى غسل المتنجّسات بالدليل ، وهو الإجماع
الكاشف عن جعل الحكم هنا للماهيّة من حيث هي السارية في جميع الأفراد شائعة ونادرة
مع إذعانه بأصل القاعدة.
وإن شئت لاحظ عين عبارته في المسألة المشار إليها ، فإنّه بعد ما جوّز التطهير بالمضاف قال : « وليس لهم أن يقولوا : إنّ إطلاق الأمر بالغسل ينصرف إلى ما يغسل في العادة ولا يعرف في العادة إلاّ الغسل بالماء دون غيره ، وذلك أنّه لو كان الأمر على ما قالوه لوجب أن لا يجوز غسل الثوب بماء الكبريت والنفط وغيرهما ممّا لم يجر العادة بالغسل به ، فلمّا جاز ذلك ولم يكن معتاداً بغير خلاف علم أنّ المراد بالخبر ما يتناوله اسم الغسل حقيقة من غير اعتبار بالعادة » انتهى (١).
وهذا كما ترى ظاهر كالصريح بل قوله : « علم أنّ المراد بالخبر » في أنّه استكشف من الإجماع على جواز الغسل بماء الكبريت والنفط وغيرهما من الأفراد النادرة عن أنّ الشارع في خصوص الغسل اعتبر الماهيّة الجارية في جميع الأفراد شائعة ونادرة وهذا يقتضي جوازه بالمضاف أيضاً ، واللازم من ذلك تخصيص القاعدة بالنسبة إلى هذا المورد لا إنكارها رأساً ، ولذا يراعيها في غير هذا الموضع كما في مسألة أكل الصائم بغير المعتاد ، لبنائه فيها على عدم كونه مفطراً ومبطلا للصوم استناداً إلى انصراف المطلق إلى أكل المعتاد.
فالفارق بين المشكّك الجاري حكمه في جميع الأفراد والمشكّك الغير الجاري إلاّ على الأفراد الشائعة أنّ كلّ مشكّك قام الدليل على اعتبار الماهيّة فيه من حيث هي فهو ممّا يجري حكمه في جميع الأفراد شائعة ونادرة تبعاً لجريان الماهيّة ، وكلّ مشكّك انصرف الماهيّة المنفهمة منه إلى حيث تحقّقها في ضمن الأفراد الشائعة فهو ممّا لا يجري حكمه إلاّ في الأفراد الشائعة ، لا بمعنى دلالته على نفي الحكم عن غيرها بل بمعنى عدم شمول حكمه لغيرها.
__________________
(١) المسائل الناصريات ـ في ضمن الجوامع الفقهية ص ٢٢٩ المسالة ٢٢.