وأمّا الثاني : فلأنّ المكلّف لا يقدر على الإتيان بها امتثالا للأمر لعدم وجودها فيلزم تكليف ما لا يطاق ـ ولكنّ الملازمة غير مسلّمة ، فإنّ الماهيّة لها اعتبارات ثلاث : أخذها بشرط التعيين ، وأخذها بشرط عدم التعيين ، وأخذها لا بشرط التعيين ولا بشرط عدم التعيين ، والأوّل اعتبار لمجازيّة المطلق في المقيّد والقول بالحقيقيّة نفي لهذا الاعتبار وهو لا يلازم الالتزام بالاعتبار الثاني لثبوت الواسطة بين الاعتبارين وهو الاعتبار الثالث ، وعلى الالتزام به مبنى القول بالحقيقيّة ولا استحالة في تعليق الحكم بالماهيّة المأخوذة بهذا الاعتبار لأنّها توجد في الخارج ، فلا يقبح جعل الحكم لها ولا يكون من تكليف ما لا يطاق.
وإن اريد الثاني فكلّ من الملازمة وبطلان اللازم ممنوع.
أمّا الأوّل : فلأنّ الحكم المعلّق على المطلق يتعلّق بالمقيّد بمجموع جزئيه أعني الماهيّة وتعيينها ، فموضوع الحكم مركّب غير أنّ جزءه الأوّل وهو الماهيّة يراد من المطلق وجزءه الثاني وهو التعيين يحال فهمه إلى خارج من اللفظ متّصل به وهو القيد : في « رقبة مؤمنة » أو منفصل عنه وهو المقيّد بالقياس إلى « رقبة » في : « أعتق رقبة ».
وأمّا الثاني : فلما عرفت من أنّ الماهيّة المأخوذة لا بشرط شيء من التعيين وعدمه يوجد في الخارج ، فلا يلزم من تعلّق الحكم بها عراه عن الفائدة ولا تكليف ما لا يطاق.
وكذا الكلام في المطلق بالمعنى الثاني فإنّه إذا أطلق النكرة الموضوعة لفرد مّا من الماهيّة على شخص معيّن كما في : « جاء رجل » و « أعتقت رقبة » أو على فرد مّا موصوف كمعنى : « رجل عالم » إذا أطلق عليه « رجل » في قوله : « أكرم رجلا » أو « رقبة مؤمنة » إذا أطلق عليها « رقبة » في : « أعتق رقبة » لكن لا بحيث دخل التعيين أو الوصف في المستعمل فيه ، بأن يراد من اللفظ نفس الفرد الغير المعيّن المعبّر عنه بـ « فرد مّا » ويحال فهم الخصوصيّة من التعيين والوصف إلى خارج من اللفظ كان على الحقيقة ، ولا مانع من جوازه لغة ولا عقلا لا في الخبر ولا في الإنشاء.
ودعوى لزوم تعليق الحكم بالمبهم مطلقا أو في الإنشاء لأنّ الفرد الغير المعيّن الّذي هو معنى فرد ما أمر مبهم.
يدفعها : أنّ عدم التعيين المأخوذ مع الفرد هنا معناه أخذ الفرد في لحاظ الاستعمال لا باعتبار التعيين لا أخذه باعتبار عدم التعيين وبشرطه وهو المأخوذ في لحاظ الوضع أيضا ، ولا استحالة في تعليق الحكم بالمبهم بهذا المعنى ، هذا مضافا إلى منع الملازمة بالتقريب المتقدّم.