لا يقال : إنّ الفرد عبارة عن الماهيّة المأخوذة من حيث الوجود ، وحاصله الحصّة الموجودة من الماهيّة والوجود المأخوذ في مفهوم الفرد لا ينفكّ عن التعيين ، فأخذ الوجود في مفهوم الفرد مع أخذ الفرد لا باعتبار التعيين يتنافيان.
لأنّا نقول : إنّ الوجود المأخوذ في مفهوم الفرد باعتبار لحاظ الاستعمال قد يعتبر على وجه التعيين كما في المعرّف بلام العهد ، وقد يعتبر على وجه الترديد لا بمعنى أنّ الوجود في الفرد الموجود في الخارج يكون بحسب الخارج مردّدا فإنّه بضابطة : « أنّ الشيء ما لم يتشخّص لم يوجد » غير معقول ، بل بمعنى أنّ المتكلّم في لحاظ الاستعمال لا يقصد التعيين من اللفظ ولا ينصب عليه قرينة مع اللفظ سواء كان معهودا عنده كما في : « جاءني رجل » أو لا كما في : « جئني برجل » وهذا هو معنى عدم اعتبار التعيين.
ولا ريب أنّ عدم اعتباره في لحاظ الاستعمال لا ينافي لزومه للوجود في لحاظ الخارج ، وقضيّة عدم اعتباره في لحاظ الاستعمال أن يكون الوجود المأخوذ في مفهوم الفرد مردّدا في نظر السامع بين وجودات المصاديق الخارجيّة على البدل ، بل هذا الترديد هو نفس البدليّة وهو الانتشار المأخوذ في الفرد المنتشر المرادف لفرد مّا في معنى النكرة.
والأصل في ذلك كلّه أنّ الماهيّة تتحصّص بحصص كثيرة خارجيّة على معنى كون كلّ حصّة موجودة في الخارج متعيّنة في حدّ ذاتها باعتبار كونها متشخّصة بمشخّصها الخاصّ ، وهذه الحصّة الموجودة المتعيّنة يقال لها : « الفرد » وهذا الفرد قد يؤخذ موردا للحكم مع اعتبار تعيّنه في كلّ من تعلّق الحكم به ووقوع الاستعمال عليه كأن يقول : « أعتق رقبة » مريدا بها خصوص « المبارك » بقيد الخصوصيّة ، ولازمه المجازيّة ويجب معه على المتكلّم نصب القرينة عليه حين الخطاب أو في وقت الحاجة لو كان متأخّرا عن الخطاب ، وقد يؤخذ موردا للحكم مع اعتبار تعيّنه في تعلّق الحكم به وعدم اعتباره في وقوع الاستعمال عليه ، وهذا من حيث الاستعمال حقيقة لعدم دخول الخصوصيّة والتعيين في المستعمل فيه ولكن لكونهما معتبرين في متعلّق الحكم وموضوعه يجب على المتكلّم بيانهما في وقت الحاجة لئلاّ يلزم الإغراء بالجهل.
وقد يؤخذ موردا للحكم مع عدم اعتبار تعيّنه في تعلّق الحكم به ولا في وقوع الاستعمال عليه ، وهذا أيضا من حيث الاستعمال حقيقة مع كونه مطلقا من حيث الحكم ، وقضيّة عدم اعتبار التعيين في هذا وسابقه ولو في لحاظ الاستعمال فقط أن يكون الوجود