أمرا نسبيّا ، فإنّ الأمر النسبي كما أنّه يتبع منتسبيه في تعقّله وتحصّله فكذلك يتبعهما في كمّه وكيفه ، فإن تعدّد المطلوب لزم منه تعدّد الطلب وإن اتّحد الإنشاء ، لأنّه منشأ ووحدة الإنشاء لا يستلزم وحدة المنشأ ، كما أنّه لو تعدّد المطلوب منه لزم منه تعدّد الطلب أيضا على الوجه المذكور.
والفرق بين التعدّدين أنّ الأوّل لا يستلزم تعدّد المطلوب منه بخلاف الثاني ، فإنّ المطلوب يتعدّد مع تعدّد المطلوب منه لا محالة غير أنّه تعدّد في نوع واحد ، ولو تعدّد الطرفان في حدّ ذاتهما لزم منه بالقياس إلى الطلب تعدّد في تعدّد كما لا يخفى على المتأمّل.
ومفروض المقام أنّ المطلوب منه متعدّد لمكان التعبير عنه في مقام البيان بصيغة الجمع ، وهي بحسب الوضع تشمل الآحاد المجتمعة ويقتضي الحكم لواحد واحد بعينه لأنّها من المعارف ، والمعرفة ما دلّ على شيء بعينه.
وقضيّة ذلك أنّه لو حمل الأمر على ثالث الوجوه أو رابعها أو خامسها لزم منه طرح ظهور التعدّد في الطلب ناشئا عن طرح ظاهر أداة الخطاب ، فإنّ صيغة الجمع من الضمائر إذا كانت للآحاد المجتمعة على سبيل التعيين فإطلاقه على كلّ واحد على البدل أو على المفهوم الاعتباري المتولّد عن فرض المجموع من حيث هو بمنزلة مكلّف واحد أو على البعض المبهم تجوّز فيحتاج إلى قرينة إن صحّ أصل التجوّز في جميع هذه الصور.
وأمّا الظهور الأخير فوجهه واضح بملاحظة ما سبق في بحث المقدّمة.
ومن جميع ما تقرّر يتبيّن أيضا : أنّ الأصل في الواجب كونه عينيّا وأنّ الكفائي لا يصار إليه إلاّ بدليل ، من غير فرق في ذلك بين ما يأتي فيه من المذاهب لأنّه دائر بين ما عدا الوجه الأوّل من الوجوه المتقدّمة.
وقد عرفت أنّ كلاّ من ذلك على خلاف ظاهر الأمر ، فلو ورد أمر في الشريعة مجرّدا عن القرينة فهو منصرف في نظر العرف إلى العيني ، الظاهر في لزوم حصول المباشرة من المكلّف ، كما نصّ عليه غير واحد منهم بعض الأفاضل وبعض الأعاظم على ما سبق منهما في بحث المخيّر من العبارة المصرّحة بذلك ، وقضيّة ذلك أن لا يعدل عنه إلاّ بدليل منفصل قاض بإرادة الكفائي من إجماع ونحوه ، وهذا إذا ثبت وجوب الشيء بالأوامر اللفظيّة واضح لا إشكال فيه.
نعم يشكل الحال لو ثبت وجوبه بالدليل اللبّي حيث لا لفظ في البين حتّى يؤخذ