بظاهره ، فلا مناص من الوقف في مقام الاجتهاد إن لم يقم من الشرع ما يقضي بتعيّن أحد القسمين ، وحصل الإجمال في مفاد ما قام من اللبّ ، كما أنّه لا مناص حينئذ من الرجوع إلى الاصول الشرعيّة المقرّرة للشاكّ فإذن يختلف الحكم من حيث معاملة العيني أو الكفائي بحسب اختلاف الموارد والصور ، فإن سبق على المكلّف اطّلاع على الخطاب أو سببه ثمّ حصلت المباشرة من غيره وشكّ في بقاء التكليف في ذمّته وارتفاعه يحكم بالبقاء استصحابا للحالة السابقة ، نظرا إلى أنّ حصول المباشرة من البعض يوجب سقوط الطلب من غيره إذا كان كفائيّا دون ما إذا كان عينيّا ، وإن لم يسبقه اطّلاع إلى أن حصلت المباشرة من البعض فاطّلع بعده بالخطاب وتحقّق سببه يحكم بعدم الوجوب عليه لأصالة البراءة مضافة إلى استصحابها ، نظرا إلى عود شكّه حينئذ إلى كونه في التكليف وتعلّق الخطاب به في آن تعلّقه بغيره الّذي حصلت المباشرة منه فيكون الأصلان المذكوران جاريين بلا إشكال.
لا يقال : إنّ لزوم المباشرة النفسيّة من مقتضيات توجّه الطلب إلى المكلّف ولا مدخل لخصوصيّة الأمر اللفظي فيه ، لكون الطلب ثابتا مع الأمر اللبّي ثبوته مع الأمر اللفظي.
وقد اعترفت أنّ سقوطها يحتاج إلى دليل ، وقضيّة ذلك جريان الأصل المذكور فيما ثبت وجوبه باللبّ أيضا فلا وجه لما حكمت به من الوقف اجتهادا والرجوع إلى الاصول الشرعيّة عملا ، لأنّ لزوم المباشرة وإن كان من مقتضيات الطلب إلاّ أنّ ثبوته على المكلّف فرع بقاء الطلب فيمن سبق اطّلاعه وتعلّقه فيمن تجدّد له الاطّلاع.
ولا ريب أنّ كلاّ من البقاء والتعلّق لا بدّ له من وسط يقتضيه من ظهور لفظي ونحوه وهو منتف ، إذ لا لفظ ليكون ظاهره حجّة وما انتهض من اللبّ على أصل الطلب في الجملة ساكت عن حكم ما بعد حصول المباشرة من البعض بقاء عند سبق الاطّلاع وتعلّقا عند تجدّده فلا مناص من الوقف اجتهادا والأخذ بموجب الأصلين عملا.
نعم يمكن أن يقرّر الأصل الاجتهادي على وجه يعمّ كلاّ من النوعين بناء على ما قرّرناه من ملاك الفرق بين الكفائي والعيني من عدم اختصاص المصلحة الداعية إلى الإيجاب واختصاصها ، بمعنى أنّ مصلحة الواجب إن كانت بحيث لا ترجع إلى المكلّف نفسه على جهة الاختصاص سواء رجعت إليه باعتبار كونه من الجملة أولا فالواجب كفائيّ وإلاّ فعينيّ ، بأن يقال : إنّ الطلب كائنا ما كان ممّا يتضمّن النسبة وإضافة المطلوب إلى المطلوب منه ، والإضافة ممّا يقتضي الاختصاص ولزوم المباشرة النفسيّة مع عود