وقضيّة ذلك أن يشار فيه باللام إلى تعريف الفرد ولا يكفي فيه معرفة الجنس الحاصلة بالإشارة إلى تعريفه بخلافهما إذ « اللام » يشار بها فيهما إلى تعريف الجنس لا غير فلا مقتضي فيهما للعدول عنه إلى الإشارة إلى تعريف الفرد ، فالنقض في غير محلّه.
ثمّ إنّه بعد الاعتراض المذكور قال : « فالأولى أن يجعل المقسم اسم الجنس إذا عرّف باللام ويقال : إمّا أن يقصد باللام محض الطبيعة والإشارة إليها فهو تعريف الجنس ، وإمّا أن يقصد به الطبيعة باعتبار الوجود فإمّا أن يثبت قرينة على إرادة فرد خاصّ فهو العهد الخارجي ، وإلاّ فإن ثبتت قرينة على عدم جواز إرادة جميع الأفراد فهو العهد الذهني وإلاّ فللاستغراق » (١) فادرج الأقسام الأربعة في اسم الجنس المعرّف باللام لا في المعرّف بلام الجنس.
وهذا حسن ولا مخالفة فيه لما في كلام الجماعة ظاهرا إلاّ في جعله العهد الخارجي ممّا اريد به الطبيعة وهذا محلّ إشكال بل موضع منع ، لما علم بضرورة من المحاورة والاستعمال أنّ المتكلّم في موارد العهد الخارجي لا نظر له إلى الجنس أصلا بل نظره مقصور على الفرد الخاصّ بخصوصيّته ، والسامع أيضا لا ينساق إلى ذهنه إلاّ الفرد الخاصّ.
وهل الأمور الثلاث المتقدّمة فيه لبيان ما به معهوديّة الفرد من سبق الذكر والحضور والاشتهار قرائن على كون « اللام » فيه للإشارة إلى تعريف الفرد الخاصّ وتعيينه ، أو قرائن على إرادة الفرد الخاصّ من مصحوب « اللام » أو أنّها أسباب لمجرّد معهوديّة الفرد الخاصّ فيما بين المتكلّم والمخاطب من غير مدخليّة ولا تأثير لها في كون « اللام » للإشارة إلى تعيين الفرد ولا في إرادة الفرد من مصحوبه نظير تقدّم الذكر في ضمير الغائب الموجب لمعهوديّة مرجعه من دون مدخليّة له في إرادة ذلك المعهود من الضمير وانفهامه منه بل هما فيه يستندان إلى وضع اللفظ؟ وجوه.
ولعلّه لزعم الوجه الأخير استظهر المحقّق الشريف كون العهد الخارجي موضوعا بالوضع العامّ لخصوصيّة كلّ معهود ، نظرا إلى أنّ انفهام كون « اللام » للإشارة إلى تعيين الفرد وانفهام الفرد من مصحوبه لابدّ لهما من مستند وهو إمّا وضع اللفظ أو القرينة الخارجة منه ، والمفروض في المقام بعد جعل الامور المذكورة أسبابا لمجرّد معهوديّة الفرد انتفاء القرينة الزائدة عليها فتعيّن أن يكون المستند هو الوضع ، والظاهر أنّ مراده به الوضع الجديد العرفي الّذي حصل للهيئة التركيبيّة لا الوضع الأصلي اللغوي.
__________________
(١) القوانين ١ : ٢٠٣.