لا تنافي عدم تعيين الفرد باعتبار الخارج عندهما أو عند السامع فقط.
وبالتأمّل في الترتيب الّذي اعتبرناه في بيان الأقسام يظهر خروج المعرّف بلام العهد الخارجي عن المعرّف بلام الجنس وكونه قسيما له ، بخلاف المعرّف بلام الاستغراق والعهد الذهني فإنّهما قسمان منه ، بناء على إرادة معناه الأعمّ الشامل للأقسام الثلاث الأول ، فإنّ « اللام » فيها اريد بها الإشارة إلى تعريف الجنس وتعيينه ولم يقصد فيها حتّى المعهود الذهني والاستغراق تعيين الفرد ومعرفته فالجميع من المعرّف بلام الجنس.
غاية الأمر أنّ الجنس في بعضها يعتبر من حيث هو وفي بعض آخر من حيث الوجود في ضمن جميع الأفراد وفي ثالث من حيث الوجود في ضمن فرد غير معيّن ، بخلاف المعهود الخارجي الّذي لم يقصد باللام فيه الإشارة إلى تعريف الجنس وتعيينه أصلا بل إلى تعريف الفرد وتعيينه ، فلا يصدق عليه المعرّف بلام الجنس ، وهو المصرّح به في كلام جماعة من المحقّقين منهم التفتازاني في المطوّل والمحقّق الشريف في حواشيه ، وعلّله الشريف : بأنّ معرفة الجنس لا يكفي في تعيين شيء من أفراده.
ومحصّله : أنّه لمّا كان المقصود بالذات في المعهود الخارجي تعيين الفرد ومعرفته فلا جرم يشار فيه باللام إلى تعريف الفرد وتعيينه ، ولا يكفي فيه معرفته الجنس بأن يشار بها إلى تعريفه وتعيينه ويقال : بأنّه يؤدّي إلى معرفة الفرد لأنّه لا يفيد تعيين شيء من أفراده.
وهذا كما ترى متين إلاّ أنّ بعض الأعلام لم يرتض به واعترضه بما محصّله : نقض التعليل بالمعرّف بلام الاستغراق والمعهود الخارجي لجريان ما ذكر فيهما أيضا فوجب خروجهما عنه أيضا فقال : « بأنّ إرادة الاستغراق وإرادة فرد غير معيّن أيضا لا يكفي فيهما معرفة الجنس ، بل يحتاج إلى الخارج وهو القرينة الخارجة من اللفظ ، وهو ما يدلّ على عدم إمكان إرادة الماهيّة فيهما وما يدلّ على عدم إمكان إرادة فرد غير معيّن في الاستغراق » انتهى ملخّصا (١).
وهذا كما ترى ممّا لا وقع له لعدم كون المراد من التعليل إبداء الفرق بينه وبينهما في احتياجه إلى القرينة وعدم احتياجهما إليها ، فإنّ الاحتياج إلى القرينة إلى اعتبار الفرد بعضا أو كلاّ أمر مشترك بين الجميع ، فالمعهود الخارجي أيضا يشاركهما في الاحتياج إلى القرينة ويفارقهما في القصد إلى تعريف الفرد وتعيينه فيه دونهما.
__________________
(١) القوانين ١ : ٢٠٣.