للإشارة تستدعي مشارا إليه معيّنا عند المتكلّم والسامع ولا معيّن عند السامع من مراتب الجمع بعد انتفاء القرينة على تعيين بعض ما دون الجميع إلاّ الجميع فيحمل عليه لا على ما دونه ، بخلاف استغراق الأوّل فإنّه لكونه مدلول القرينة الخارجة من اللفظ لا يكفي في الحمل عليه مجرّد انتفاء قرينة العهد بل يعتبر معه وجود قرينة دالّة على اعتبار الماهيّة متحقّقة في جميع أفرادها ، ومع عدم القرينة على ذلك يحمل اللفظ على الماهيّة المأخوذة باعتبار التعيّن الجنسي أو الذهني من حيث هي ولا بشرط تحقّقها في الفرد مطلقا وهو تعريف الجنس والحقيقة ، فلامه على كلا تقديري وجود قرينة الاستغراق وعدم وجودها مستعملة في التعريف أي الإشارة إلى اعتبار التعيّن مع الماهيّة المتعيّنة.
القسم الثالث
أن يراد به الماهيّة المتعيّنة المأخوذة باعتبار تعيّنها من حيث تحقّقها في فرد واحد لا بعينه ، بأن يراد أيضا من مصحوب « اللام » أصل الماهيّة ويشار باللام إلى اعتبار تعيّنها ويراد اعتبار تحقّقها في الفرد الغير المعيّن من خارج اللفظ ، أو يراد ذلك أيضا من مصحوب « اللام » ويفهم بسبب الخارج كالدخول في نحو : « ادخل السوق واشتر اللحم » على ما قيل وإن كان لا يخلو عن نظر ، والتوصيف بالجملة في نحو : « لقد أمرّ على اللئيم يسبّني » (١) وقوله تعالى : ( كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً )(٢) والفرق بين الاعتبارين نظير ما تقدّم في الاستغراق من لزوم التجوّز في اللفظ على ثانيهما وعدم لزومه على أوّلهما ، ويسمّى ذلك على التقديرين بالمعرّف بلام العهد الذهني.
فهاهنا أيضا امور ثلاث : الماهيّة الّتي يدلّ عليها مصحوب « اللام » واعتبار تعيّنها الّذي يدلّ عليه « اللام » واعتبار تحقّقها في الفرد الّذي يدلّ عليه القرينة الخارجة من اللفظ.
فالمعرّف بلام العهد الذهني والمعرّف بلام الاستغراق سيّان في كون « اللام » إشارة إلى اعتبار تعيّن الماهيّة وهو التعريف ، ولذا يكون كلّ منهما كالمعرّف بلام الجنس والحقيقة معرفة ويجري عليهما أحكام المعارف بأجمعها ، وما اشتهر بينهم من أنّ المعرّف بلام العهد الذهني في معنى النكرة إنّما يراد به أنّه معرفة يشوبه معنى النكرة وهو نكارة الفرد الّذي اعتبر تحقّق الماهيّة المتعيّنة ـ المأخوذة من التعيّن ـ فيه وعدم تعيّنه ، ولأجل ذلك قد
__________________
(١) البحار ٥٩ : ٤٤ والتبيان ١ : ٣٥١ ومجمع البيان ١ : ٣٢٢.
(٢) الجمعة : ٥.